@ 313 @ .
قال القاضي أبو محمد وجلبت هذه القصص بغاية الاختصار في اللفظ وقصدت استيفاء المعاني التي تخص الآية ويضعف عندي أن تكون هذه القصة في الغار لقوله في آخرها ^ إني بريء مما تشركون ^ وهي ألفاظ تقتضي محاجة وردا على قوم وحاله في الغار بعيدة عن مثل هذا اللهم إلا أن يتأول في ذلك أنه قالها بينه وبين نفسه أي وقال في نفسه معنى العبارة عنه يا قوم إني بريء مما تشركون وهذا كما قال الشاعر .
( ثم انثنى قال في التفكير % إن الحياة اليوم في الكرور ) + الرجز + .
قال القاضي أبو محمد ومع هذا فالمخاطبة تبعده ولو قال يا قوم إني بريء من الإشراك لصح هذا التأويل وقوي فإن قلنا بأنه وقعت له القصة في الغار في حال الصبوة وعدم التكليف على ما ذهب إليه بعض المفسرين ويحتمله اللفظ فذلك ينقسم على وجهين إما أن يجعل قوله ! 2 < هذا ربي > 2 ! تصميما واعتقادا وهذا باطل لأن التصميم لم يقع من الأنبياء صلوات الله عليهم وإما أن يجعله تعريضا للنظر والاستدلال كأنه قال هذا المنير البهي ربي إن عضدت ذلك الدلائل ويجيء إبراهيم عليه السلام كما قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ! 2 < ووجدك ضالا فهدى > 2 ! أي مهمل المعتقد وإن قلنا بأن القصة وقعت له في حال كفره وهو مكلف فلا يجوز أن يقول ! 2 < هذا ربي > 2 ! مصمما ولا معرضا للنظر لأنها رتبة جهل أو شك وهو عليه السلام منزه معصوم من ذلك كله فلم يبق إلا أن يقولها على جهة التقرير لقومه والتوبيخ لهم وإقامة الحجة عليهم في عبادة الأصنام كأنه قال لهم أهذا المنير ربي أو هذا ربي وهو يريد على زعمكم كما قال الله تعالى ! 2 < أين شركائي > 2 ! فإنما المعنى على زعمكم ثم عرض إبراهيم عليهم من حركته وأفوله أمارة الحدوث وأنه لا يصلح أن يكون ربا ثم في آخر أعظم منه وأحرى كذلك ثم في الشمس كذلك فكأنه يقول فإذا بان في هذه المنيرات الرفيعة أنها لا تصلح للربوبية فأصنامكم التي هي خشب وحجارة أحرى أن يبين ذلك فيها ويعضد عندي هذا التأويل قوله ^ إني بريء مما تشركون ^ ومثل لهم بهذه الأمور لأنهم كانوا أصحاب على نجوم ونظر في الأفلاك وهذا الأمر كله إنما وقع في ليلة واحدة والكوكب وهو الزهرة في قول قتادة وقال السدي وهو المشتري جانحا للغروب فلما أفل بزغ القمر وهو أول طلوعه فسرى الليل أجمع فلما بزغت الشمس زال ضوء القمر قبلها لانتشار الصباح وخفي نوره ودنا أيضا من مغربه فسمي ذلك أفولا لقربه من الأفول التام على تجوز في التسمية ثم بزغت الشمس على ذلك وهذا الترتيب يستقيم في الليلة الخامسة عشرة من الشهر إلى ليلة عشرين وليس يترتب في ليلة واحدة كما أجمع أهل التفسير إلا في هذه الليالي وبذلك التجوز في أفول القمر و ! 2 < أفل > 2 ! في كلام العرب معناه غاب يقال أين أفلت عنا يا فلان وقيل معناه ذهب .
قال القاضي أبو محمد وهذا خلاف في عبارة فقط وقال ذو الرمة .
( مصابيح ليست باللواتي تقودها % نجوم ولا بالآفلات الدوالك ) + الطويل + .
وقال ! 2 < الآفلين > 2 ! فجمع بالياء والنون لما قصد الأرباب ونحو ذلك وعلى هذا يخرج قوله في الشمس