المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى والرسول هو محمد A : 19 - { ويبين الله لكم } حال والمبين هو ما شرعه الله لعباده وحذف للعلم به لأن بعثة الرسل إنما هي بذلك والفترة أصلها السكون يقال فتر الشيء : سكن وقيل هي الانقطاع قاله أبو علي الفارسي وغيره ومنه فتر الماء : إذا انقطع عما كان عليه من البرد إلى السخونة وفتر الرجل عن عمله : إذا انقطع عما كان عليه من الجد فيه وامرأة فاترة الطرف : أي منقطعة عن حدة النظر والمعنى : أنه انقطع الرسل قبل بعثه A مدة من الزمان واختلف في قدر مدة تلك الفترة وسيأتي بيان ذلك قوله : { أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير } تعليل لمجيء الرسول بالبيان على حين فترة : أي كراهة أن تقولوا هذا القول معتذرين عن تفريطكم و من في قوله : { من بشير } زائدة للمبالغة في نفي المجيء والفاء في قوله : { فقد جاءكم } هي الفصيحة مثل قول الشاعر : .
( فقد جئنا خراسانا ) .
أي لا تعتذروا فقد جاءكم بشير ونذير وهو محمد A { والله على كل شيء قدير } ومن جملة مقدوراته إرساله رسوله على فترة من الرسل .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : دعا رسول الله A يهود إلى الإسلام فرغبهم فيه وحذرهم فأبوا عليه فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب : يا معشر يهود اتقوا الله فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله A لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته فقال رافع بن حرملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا لكم هذا وما أنزل الله من كتاب من بعد موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله : { يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل } الآية وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هو محمد A جاء بالحق الذي فرق الله به بين الحق والباطل فيه بيان وموعظة ونور وهدى وعصمة لمن أخذ به قال : وكانت الفترة بين عيسى ومحمد ستمائة سنة وما شاء الله من ذلك وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عنه قال : كانت خمسمائة سنة وستين سنة وقال الكلبي : خمسمائة سنة وأربعين سنة وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير قال : كانت خمسمائة سنة وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : كانت أربعمائة سنة وبضعا وثلاثين سنة وأخرج ابن سعد في كتاب الطبقات عن ابن عباس قال : كان بين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ولم يكن بينهما فترة فإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم وكان بين ميلاد عيسى ومحمد A خمسمائة سنة وتسع وستون سنة بعث في أولها ثلاثة أنبياء كما قال الله تعالى : { إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث } والذي عزز به شمعون وكان من الحواريين وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة سنة وأربعة وثلاثين سنة وقد قيل غير ما ذكرنا