شيء حتى أعرفك ولا أجهلك في شيء فأشكرك في حال النعمة وأصبر في حال النقمة . وأما لو ألزمتني حالة واحدة لكانت معرفتي ناقصة فأنا الآن أتقلب بالمعرفة في جنة أتبوأ منها حيث أشاء . قال بعضهم : في الدنيا جنة معجلة من دخلها لم يشتق إلى جنة الآخرة ولا لشيء أبداً ولم يستوحش من شيء . قيل : وما هي ؟ قال : معرفة الله تعالى .
( 12 ) إلهي كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك وكلما آيستني أوصافي أطمعتني مننك .
أي كلما أخرسني عصياني الناشئ عن لؤم العبيد المانع من انطلاق اللسان بالطلب من العزيز الحميد أنطقني كرمك العام الذي لا يخص من استقام وكلما آيستني - أي أوقعتني في اليأس من الاستقامة - أوصافي الذميمة أطمعتني في ذلك مننك التي شملت البار والفاجر فلم تخص صاحب الأوصاف العظيمة .
( 13 ) إلهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لا تكون مساويه مساوي ؟ ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي ؟ .
أي من كانت أعماله الصالحة عيوباً في نفس الأمر لعدم خلوها من دقائق العجب والرياء فإنه أخفى من دبيب النمل فكيف لا تكون مساويه - أي عيوبه الظاهرة وأعماله السيئة - مساوي ؟ أي عيوباً في نفس الأمر فصح الإخبار . ومن كانت حقائقه - أي الأمور التي يتحقق بها من العلوم والمعارف - دعاوي لا حقائق لها في نفس الأمر فكيف لا تكون دعاويه التي يدعيها دعاوي في نفس الأمر ؟ فالكمال المنسوب إلى العبد نقصان على التحقيق فما ظنك بنقصانه ؟ أسأل الله العفو والتوفيق .
( 14 ) إلهي حكمك النافذ ومشيئتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالاً ولا لذي حال حالاً