الله تعالى . وهذا مقام شريف لا يوفي به إلا أهل العنايات . ومن غفل في حسابه خسر في اكتسابه . وقال بعض العارفين : من أدرك في نفسه التغيير والتبديل في كل نفس فهو العالم بقوله تعالى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } ( 29 ) الرحمن وما ألطف قول بعضهم : .
نفذت مقادير الإله وحكمه فأرح فؤادك من لعل ومن لو .
( 23 ) لا تترقب فراغ الأغيار فإن ذلك يقطعك عن وجود المراقبة له فيما هو مقيمك فيه .
أي لا تنتظر - أيها المريد - انتهاء الأغيار أي الشواغل التي منها ما أقامك فيه الحق بل راقبه فيما تترقب فراغه فإن تأميلك للوقت الثاني يمنعك من القيام بحق الوقت الذي أنت فيه . والفقير الصادق يكون في كل وقت بحسبه .
وسئل بعض العارفين متى يستريح الفقير ؟ فقال : إذا لم ير وقتاً غير الوقت الذي هو فيه . وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً } ( 35 ) الأنبياء أي نختبركم بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر وقيل بما تحبون وما تكرهون لننظر شكركم فيما تحبون وصبركم فيما تكرهون .
( 24 ) لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحق وصفها وواجب نعتها .
أي لا تعد وقوع الأكدار أمراً غريباً مدة كونك في هذه الدار الدنيوية فإنها ما أبرزت أي أظهرت إلا ما هو مستحق وصفها أي وصفها المستحق لها .
ص 37 .
وواجب نعنها أي نعتها الواجب أي اللازم لها . فمن ضرورياتها وجود المكاره فيها مع الانهماك عليها كما قال بعض واصفيها : .
طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأقذار .
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جَذوةَ نار .
ومن كلام جعفر الصادق : من طلب ما لم يخلق أتعب نفسه ولم يرزق قيل له : وما ذاك ؟ قال : الراحة في الدنيا . وأخذ بعضهم هذا المعنى فقال : .
تطلب الراحة في دار العنا خاب من يطلب شيئاً لا يكون .
وقال الصفي الحليّ :