( 31 ) اهتدى الراحلون إليه بأنوار التوجه والواصلون لهم أنوار المواجهة . فالأولون للأنوار وهؤلاء الأنوار لهم لأنهم لله لا لشيء دونه { قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } ( 91 ) الأنعام .
أي اهتدى السالكون السائرون إلى الله تعالى بأنوار التوجه أي الأنوار الناشئة من العبادات والرياضات التي توجهوا بها إلى حضرة الرب فإن الله تعالى يقول : { وَالَّذِينَ جَاهدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } ( 69 ) العنكبوت . والواصلون إلى الله تعالى لهم أنوار المواجهة أي التقرب والتحبب . فالأولون عبيد للأنوار لاحتياجهم إليها في الوصول إلى مقصودهم . وهؤلاء أي الواصلون الأنوار لهم لأنهم لله لا لشيء دونه عملاً بإشارة قوله تعالى : { قُلْ اللَّهُ } أي توجه إليه ولا تمل إلى أنوار ولا غيرها { ثُمَّ ذَرْهُمْ } أي اتركهم { فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } . فإفراد التوحيد بعد فناء الأغيار هو حق اليقين . ورؤية ما سوى الله خوض ولعب .
( 32 ) تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب .
تشوفك بالفاء في الموضعين أي تطلعك بعين البصيرة إلى ما بطن أي خفي فيك من العيوب والأمراض القلبية كالكبر والحقد والعجب والرياء والسمعة والمداهنة وحب الرياسة والجاه ونحو ذلك حتى تتوجه همتك إلى زوال ذلك بالرياضة والمجاهدة خصوصاً على يد شيخ عارف خير لك من تطلعك إلى ما حجب عنك من الغيوب أي ما غاب عنك كالأسرار الإلهية والكرامات الكونية لأن هذا حظ نفسك وذلك واجب عليك لربك . فإن نفسك