الأكوان إلى المكون وهو المطلوب من العبد . وقوله : " فهجرته إلى ما هاجر إليه " هو البقاء مع الأكوان وهو المنهي عنه .
( 43 ) لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله .
أي لا تصحب من لا يرقيك حاله الذي هو عليه لعدم علو همته فإن الطبع سراق كما قال بعضهم : .
بني اجتنب كل ذي بدعة ولا تصحبن من بها يوصف .
فيسرق طبعك من طبعه وأنت بذلك لا تعرف .
بل اصحب شيخاً عارفاً ينهضك حاله بأن تكون همته متعلقة بالله تعالى فلا يلجأ إلا إليه ولا يتوكل في جميع أموره إلا عليه ويدلك على الله مقاله لمعرفته بالله تعالى فصحبة الأخيار أصل كبير في طريق القوم وأما صحبة الأشرار ففيها كبير اللوم لما فيها من عظيم الآفات الموجبة إلى رجوع القهقرى والانحطاط عن علي الدرجات كما قال المصنف : .
( 44 ) ربما كنت مسيئاً فأراك الإحسان منك صحبتك إلى من هو أسوأ حالاً منك .
فإن صحبتك أي انضمامك إلى من هو أسوأ حالاً منك سبب لتغطية عيوب نفسك ورؤية كمالها بالنسبة لغيرك فتقع في مهاوي الإعجاب والزهو بالأعمال التي ربما كانت في الحقيقة كسراب .
( 45 ) ما قل عمل برز من قلب زاهد ولا كثر عمل برز من قلب راغب .
يعني : أن العمل الصادر من الزاهد في الدنيا كثير في المعنى وإن كان قليلاً في الصورة لسلامته من الآفات القادحة في قبوله من الرياء والتصنع للناس وطلب الأعراض الدنيوية بخلاف الصادر من الراغب فيها فإنه على العكس من ذلك وقد شكا بعض الناس لرجل من الصالحين أنه يعمل أعمال البر ولا يجد لها حلاوة في قلبه فقال : لأن عندك بنت إبليس وهي الدنيا ولا