إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة وجده هذا هو يزيد بن مفرغ الحميري أبو هاشم المعروف بالسيد الحميري كان شاعراً محسناً كثير القول إلا أنه رافضي جلد زائغ عن القصد له مدائح جمة في أهل البيت عليهم السلام وكان مقيماً بالبصرة . قال له بشار بن برد : لولا أن الله تعالى شغلك بمديح أهل البيت لافتقرنا . وكان أبواه يبغضان علياً سمعهما يسبانه بعد صلاة الفجر فقال من الخفيف : .
لعن اللهُ والدّيَّ جميعاً ... ثمّ أصلاهما عذابَ الجحيمِ .
حَكما غُدوةً كما صليّا الفج ... ر بلعن الوصي بابِ العلومِ .
وكان يرى رأي الكيسانية وهو مذكور في ترجمة كيسان إن شاء الله تعالى لأنه يرى رجعة محمد بن الحنفية إلى الدنيا وكان كثير الشاعر يرى هذا الرأي وكان السيد يعتقد أنه لم يمت وأنه في جبل رضوى بين أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضاختان يجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً . ويقال : إن السيد اجتمع بجعفر الصادق فعرفه خطأه وأنه على ضلالة فرجع وأناب . وقال المرزباني في معجم الشعراء : يكنى أبا السيد . وقال غير الأصمعي : إسماعيل بن محمد بن وداع الحميري وأمه من الحدان تزوج بها أبوه لأنه كان نازلاً فيهم . وقيل : إن أم هذه المرأة أو جدتها بنت ليزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري وليس لابن نفرغ عقب من ولد ذكر ولذلك يقول السيد من البسيط : .
إنّي امرؤٌ حميريٌّ حين تنسبني ... جَدّي وُعَيْنٌ وأخوالي ذَو ويَزنِ .
ثمّ الولاءُ الذي أرجو النجاةَ به ... يومَ القيامة للهادي أبي حسنِ .
وكان السيد أسمر تام القامة أبيض الجمة حسن الألفاظ جميل الخطاب وكان مقدماً عند المنصور والمهدي . وقيل : إنه مات أول أيام الرشيد سنة ثلاث وسبعين ومائة وقيل : سنة ثمان وقيل غير ذلك . وولد في أيام بني أمية سنة خمس ومائة . وكان أحد الشعراء الثلاثة الذين لم يضبط الرواة ما لهم من الشعر : هو وبشار وأبو العتاهية وإنما مات ذكره وهجر الناس شعره لإفراطه في سب الصحابة وبغض أمهات المؤمنين وإفحاشه في شتمهم وقذفهم والطعن عليهم فتحامى الرواة شعره . قال أبو عثمان المازني : سمعت أبا عبيدة يقول : ما هجا بني أمية أحد كما هجاهم الدعيان : يزيد بن مفرغ أول دولتهم وما عمهم والسيد ابن محمد في آخرها وعمهم .
وقال السيد : جاء بي أبي وأنا صبي إلى محمد بن سيرين قبل أن يموت بمدة فقال : يا بني اقصص رؤياك ! .
فقلت : رأيت كأنّي في أرضٍ سبخة وإلى جانبها أرض حسنة وفيها النبي A واقفاً وليس فيها نبت وفي الأرض السبخة نخل وشوك فقال لي : يا إسماعيل أتدري لمن هذا النخل ؟ قلت : لا . قال : هذا للمعروف بامرئ القيس بن حجر الكندي فانقله إلى هذه الأرض الطيبة التي أنا فيها ! .
فجعلت أنقله إلى أن نقلت جميع النخل وحولت شيئاً من الشوك . فقال ابن سيرين لأبي : أما ابنك هذا فسيقول الشعر في مدح طهرةٍ أبرار ! .
فما مضت إلا مديدة حتى قلت الشعر . وقال ابن سلام : وكانوا يرون أن النخل مدحه أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وفاطمة وأولادها وأن الشوك حوله وما أمر بتحويله هو ما خلط به شعره من ثلب السلف . وقال الصولي : حدثنا محمد بن الفضل بن الأسود حدثنا علي بن محمد بن سليمان قال : كان السيد كيسانياً ثم رجع وقال قصيدته التي أولها من الطويل : .
تجعفرتُ باسم الله واللهُ أكبرُ ... وأيقنتُ أنّ الله يقضي ويقدرُ .
وقال الصولي : كان السيد يزعم أن علياً عليه السلام سمى محمداً ابنه المهدي وأنه الذي بشر به النبي A أنه يخرج في آخر الزمان وأنه حي بجبال رضوى على ما تقدم . وقال الصولي : حدثنا أبو العيناء قال : السيد مذبذب يقول بالرجعة وقد قال له رجل من ثقيف : بلغني يا أبا هاشم أنك تقول بالرجعة . قال : هو ما بلغك . قال : فأعطني ديناراً بمائة دينار إلى الرجعة ! .
فقال له السيد : على أن توثق لي بمن يضمن السيد إذا سئل عن مذهبه أنشد من قصيدته من الوافر : .
سَمِيُّ نبينِّا لم يبْقَ منهم ... سواه فعنده حَصَلَ الرجاءُ .
فغُيِّبَ غيبةً من غير موتٍ ... ولا قتلٍ وصار به القضاءُ .
إلى رَضْوى فحلّ بها بشعبٍ ... تُجاوره الخوامعُ والظباءٌ