روى عن أبيه وعن سفيان بن عيينة ولوط ابن مخنف وروى عنه أبو حاتم السجساتي وأبو الفضل الرياشي وإسحاق بن محمد النخعي وقدم بغداد وحدث بها وكان مشتهراً بالشراب وكان هو وأبوه سيدين أديبين فصيحين . ومن تصانيفه : كتاب الخيل كتاب أشعار الأعاريب وأشعار النساء اللاتي أحببن ثم أبغضن وكتاب الذبيح وكتاب الأخلاق وغير ذلك . ومن شعره القصيدة التي منها : .
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي ... فأعرضن عني بالخدود النواضر .
وكن متى أبصرنني أو سمعن بي ... سعين فرقّعن الكوى بالمحاجر .
توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين وقال : أول شعر قلته : .
بنفسي شيءٌ لست أعرف قدره ... على أنه ما كان فهو شديد .
تمر به الأيام تسحب ذيلها ... فتبلى ولا تبليه وهو جديد .
القائم بأمر الله الفاطمي محمد بن عبيد الله ويدعى محمد نزاراً ابن المهدي القائم بالمغرب بايع لمحمد والده المذكور بولاية العهد بإفريقية وما معها وكانت الكتب تكتب باسمه والمظلة تحمل على راسه وجهزه أبوه إلى مصر مرتين ليأخذها : الأولى في ذي الحجة سنة إحدى وثلاث مائة فوصل إلى الإسكندرية وملكها وملك الفيوم وصار في يده أكثر خراج مصر وضيق على أهلها والمرة الثانية وصل إلى الإسكندرية في سنة سبع وثلاث مائة في عسكر عظيم فخرج عامل الإمام المقتدر عنها فدخلها ثم خرج إلى الجيزة في خلق عظيم ووردت الأخبار إلى بغداد فجهز مؤنس الخادم بالرجال والأموال فلما وصل إلى مصر كان القائم قد ملك الجيزة والأشمونين وأكثر بلاد الصعيد فتلاقيا وجرى بينهما حروب عظيمة ووقع في عسكر القائم الوباء والغلاء فمات الناس والخيل فرجع إلى إفريقية وتبعه عسكر مصر إلى أن تباعد عنهم .
وفي أيامه خرج أبو يزيد مخلد الخارجي وكانت المطوعة قد تبعته وقاسى منهم شدائد . فأحسن السيرة بنو عبيد في الناس وهذبوا وطووا ما يرومونه من إظهار مذهبهم الخبيث وساسوا ملكهم وقنعوا بإظهار الرفض والتشيع . وكانت ولادة القائم بمدينة سلمية بالشام سنة ثمانين وقيل سنة اثنتين وقيل سنة سبع وسبعين ومائتين واستصحبه والده معه إلى المغرب على ما سيأتي إن شاء الله تعالى . وتوفي القائم المذكور بالمهدية سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة وأبو يزيد الخارجي محاصر له فقام بالأمر ولده المنصور إسماعيل وكتم خبر موته خوفاً من الخارجي وكان على سوسة وأكثر العطايا والصلات ولم يتسم بالخليفة وكتبه تنفذ من الأمير إسماعيل ولي عهد المسلمين .
الوزير البلعمي محمد بن عبيد الله بن محمد بن رجاء الوزير أبو الفضل البلعمي بالباء الموحدة واللام الساكنة والعين المهملة المفتوحة وبعدها ميم أوحد عصره في العقل والرأي له كتاب تلقيح البلاغة وكتاب المقالات وغير ذلك وهو وزير صاحب ما وراء النهر توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مائة .
الوزير أبو علي الخاقاني محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان أبو علي الوزير كان أكبر ولد أبيه أحضره المعتمد بعد وفاة أبيه وقلده مكانه وأراد أن يخلع عليه فأمر أن يؤخر ذلك فلم يضطلع بالأمر فترك أسبوعاً وعزل بالحسن بن مخلد . ووزر للمقتدر وصدرت منه أشياء مضحكة وعزل بعلي بن عيسى وقبض عليه على أنه صدرت منه واحدة حسنة : يقال أنه لما عزل أكثر الناس التزوير عليه وعرضت تواقيع كثيرة على أبي الحسن علي بن عيسى فأنكرها وجهزها إليه وقال له : عرفني الصحيح في هذه حتى أمضيه وأبطل الزور منها فحضر الرسول وهو يصلي فأخذ ابنه أبو القاسم يميز الباطل من الصحيح منها فأومأ إليه أبوه أن يتوقف فلما فرغ من صلاته أخذها وتصفحها وخلطها وقال : كل هذه التوقيعات صحيحة وأنا أمرت بها فما رأيت إبطاله فأبطله ولما انصرف الرسول قال لابنه : أردت أن تبغضنا إلى الناس بلا معنى ويكون الوزير قد التقط الشوك على أيدينا نحن قد صرفنا فلم لا نحبب إلى الناس بإمضاء كل ما زوروه فإن أمضاه كان الحمد لنا والضرر عليه وإن أبطله كان الحمد لنا والذم له . توفي وقد تغير ذهنه في سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة .
ابن البلدي محمد بن عبيد الله البلدي قال الثعالبي في التتمة : هو أشعر من أبيه . وكان قد حلف أن لا يشرب حولاً فبرت يمينه في غرة شوال فقال : .
برت على هجر الكؤوس يميني ... شهر الصيام فما امتطين يميني