@ 352 @ ابن القاسم عن مالك قال قيل لأم الدرداء ما كان أكثر شأن أبي الدرداء قالت كان أكثر شأنه التفكر قيل له أفترى الفكر عملا من الأعمال قال نعم هو اليقين .
وقيل لابن المسيب في الصلاة بين الظهر والعصر فقال ليست هذه عبادة إنما العبادة الورع عما حرم الله والفكر في أمر الله .
وقال الحسن تفكر ساعة خير من قيام ليلة $ المسألة الثانية حقيقة التفكر $ .
حقيقة التفكر هنا ترديد العلم في القلب بالخبر عنه .
والكلام حقيقة هو ما يجري في النفس والحروف والأصوات عبارة عنه وأقل ما يحضر في القلب من العلم علمان اثنان أحدهما نسق الآخر ومثاله أن يعلم أن الجنة مطلوبة وأن الموصل إليها آكد العمل الصالح فحينئذ يجتهد في العمل وآكد من هذا أن تعلم الإيمان بالله بمعرفته ومعرفة صفاته وأفعاله وملكوته في أرضه وسمائه ولا يحصل ذلك إلا بالنظر في مخلوقاته وهي لا تحصى كثرة وأمهاتها السموات فترى كيف بنيت وزينت من غير فطور ورفعت بغير عمد وخولف مقدار كواكبها ونصبت سائرة شارقة وغاربة نيرة وممحوة كل ذلك بحكمة ومنفعة .
والأرض فانظر إليها كيف وضعت فراشا ووطئت مهادا وجعلت كفاتا وأنبتت معاشا وأرسيت بالجبال وزينت بالنبات وكرمت بالأقوات وأرصدت لتصرف الحيوانات ومعاشها وكل جزء من ذلك فيه عبرة تستغرق الفكرة .
والحيوان أحد قسمي المخلوقات والثاني الجمادات فانظر في أصنافها واختلاف أنواعها وأجناسها وانقيادها وشرسها وتسخيرها في الانتفاع بها زينة وقوتا وتقلبا في الأرض