@ 56 @ .
وقد قال أشهب يقضي في منزله وأين أحبَّ والذي عندي أنه يُقسّم أوقاته وأحواله ليبلغ كل أحد إليه ويستريح هو مما يرد من ذلك عليه $ المسألة الثانية عشرة قوله تعالى ( ! < وظن داود أنما فتناه > ! ) $ .
يعني أيقن والظنُّ ينطلق على العلم والظن لأنه جاره وقد ورد ذلك كثيرا في قوله تعالى ( ! < وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه > ! ) التوبة 118 $ المسألة الثالثة عشرة قوله تعالى ( ! < فاستغفر ربه > ! ) $ .
اختلف المفسرون في الذنب الذي استغفر منه على أقوال .
الأول قيل إنه نظر إلى المرأة حتى شبع منها .
الثاني أنه أغزى زوجها في حملة التابوت .
الثالث أنه نوى إن مات زوجها أن يتزوجها .
الرابع أنه حكم لأحد الخصمين من قبل أن يسمع من الآخر .
قال القاضي قد بينَّا أن الأنبياء معصومون على الصفة المتقدمة من الذنوب المحدودة على وجه بيِّن .
فأما من قال إنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر فلا يجوز ذلك على الأنبياء وكذلك تعريض زوجها للتقل كما قدّمنا تصويرٌ للحق على روح الباطل والأعمال بالنيات .
وأما من قال إنه نظر إليها حتى شبع فلا يجوز ذلك عندي بحال لأن طموح البصر لا يليق بالأولياء المتجردين للعبادة فكيف بالأنبياء الذين هم الوسائط المكاشفون بالغيب وقد بيناه في موضعه .
وروى أشهب عن مالك قال بلغني أن تلك الحمامة أتت فوقفت قريباً من داود وهي من ذهب فلما رآها أعجبته فقام ليأخذها ففرَّت من يده ثم صنع مثل ذلك مرتين ثم طارت فأتبعها بصره فوقعت عينه على تلك المرأة وهي تغتسل ولها شعر طويل فبلغني أنه أقام أربعين ليلة ساجداً حتى نبت العشب من دموع عينيه فأما النظرة الثانية فلا أصل لها