@ 127 @ .
فيها مسألتان $ المسألة الأولى $ .
لا خلاف أن هذه الآية في الكفار بنص القرآن لقوله في أولها ( ! < ويوم يعرض الذين كفروا على النار > ! ) أي فيقال لهم أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا يريد أفنيتموها في الكفر بالله ومعصيته وإن الله أحل الطيبات من الحلال واللذات وأمر باستعمالها في الطاعات فصرفها الكفار إلى الكفر فأوعدهم الله بما أخبر به عنهم وقد يستعملها المؤمن في المعاصي فيدخل في وعيد آخر وتناله آية أخرى برجاء المغفرة ويرجع أمرُه إلى المشيئة فينفذ الله فيه ما علمه منه وكتبه له $ المسألة الثانية $ .
روي أن عمر بن الخطاب لقي جابر بن عبد الله وقد ابتاع لحماً بدرهم فقال له أما سمعت الله تعالى يقول ( ! < أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها > ! ) .
وهذا عتاب منه له على التوسع بابتياع اللحم والخروج عن جلف الخبز والماء فإن تعاطي الطيبات من الحلال تستشري لها الطباع وتستمر عليها العادة فإذا فقدتها استسهلت في تحصيلها بالشبهات وحتى تقع في الحرام المحض بغلبة العادة واستشراه الهوى على النفس الأمّارة بالسوء فأخذ عمر الأمر من أوله وحماه من ابتدائه كما يفعله مثله .
والذي يضبط هذا الباب ويحفظ قانونه على المرء أن يأكل ما وجد طيباً كان أو قفاراً ولا يتكلّف الطيب ويتخذه عادة وقد كان يشبع إذا وجد ويصبر إذا عدم ويأكل الحلوى إذا قدر عليها ويشرب العسل إذا اتفق له ويأكل اللحم إذا تيسّر ولا يعتمده أصلاً ولا يجعله ديدناً ومعيشةُ النبي معلومة وطريقة