@ 152 @ .
ومنها أنه رأى الخوارج أحاطوا بأطرافه وعلم أنه إن اشتغل بحرب معاوية استولى الخوارج على البلاد وإن اشتغل بالخوارج استولى عليه معاوية .
ومنها أنه تذكّر وعد جدّه الصادق عند كل أحدٍ في قوله إن ابني هذا سيِّدٌ ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وإنه لما سار الحسن إلى معاوية بالكتائب في أربعين ألفا وقدم قيس بن سعد بعشرة آلاف قال عمرو بن العاص لمعاوية إني أرى كتيبة لا تولِّي أولاها حتى تدبر أخراها فقال معاوية لعمرو من لي بذراري المسلمين فقال أنا فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة تلقاه فتقول له الصلح فصالحه فنفذ الوعد الصادق في قوله إن ابني هذا سيّد ولعل الله أن يصلح به فئتين عظيمتين من المسلمين وبقوله الخلافة ثلاثون سنة ثم تعود ملكا فكانت لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وللحسن منها ثمانية أشهر لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً فسبحان المحيط لا ربَّ غيره $ المسألة السابعة $ قوله ( ! < فأصلحوا بينهما بالعدل > ! ) $ .
وهذا صحيح فإن العدل قوام الدين والدنيا إن الله يأمر بالعدل والإحسان وقال إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين وهم الذين يعدلون بين الناس في أنفسهم وأهليهم وما ولوا ومن العدل في صلحهم ألاّ يطالبوا بما جرى بينهم من دم ولا مال فإنه تلف على تأويل وفي طلبهم له تنفير لهم عن الصّلح واستشراء في البغي .
وهذا أصلٌ في المصلحة وقد قال لسان الأمة إنّ حكمة الله في قتال الصحابة التعرُّف منهم لأحكام قتال أهل التأويل إذ كانت أحكام قتال التنزيل قد عرفت على لسان الرسول وفعله