@ 281 @ طيب الطعم أو إذ خلقه كذلك ألا يكون سهل الجني فلم يكن عليه أن يفعل ذلك ابتداء لأنه لا يجب عليه شيء وإن فعله فبفضله كابتداء خلقه في تعديد النعم وتقرير الفضل والكرم والشهادة على الابتداء بالثواب قبل العقاب وبالعطاء قبل العمل .
الدليل الثاني على القدرة في أن يكون الماء الذي من شأنه الرسوب يصعد بقدرة الواحد القادر علام الغيوب من أسافل الشجر على أعاليها ويترقى من أصولها إلى فروعها حتى إذا انتهى إلى آخرها نشأ فيها أوراق ليست من جنسها وثمار خارجة عن صفتها فيها الجرم الوافر واللون الزاهر والجني الجديد والطعم اللذيد فأين الطبائع وأجناسها وأين الفلاسفة وأناسها هل في قدرة الطبيعة إذا سلمنا وقلنا لها قدرة على طريق الجدل أن تتقن هذا الإتقان البديع أو ترتب هذا الترتيب العجيب كلا لا يتم ذلك في المعقول إلا لحي عالم قادر مريد فقد علم الألباء أن أميا لا ينظم سطور الكتابة وأن سواديا لا يقدر على ما في الديباج من التزين والنساجة فسبحان من له في كل شيء آية بداية ونهاية فمن الله الإبتداء وإن إلى ربك المنتهى تقدس وتعالى $ المسألة السابعة قوله تعالى ( ! < كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده > ! ) $ .
فهذان بناءان جاءا بصيغة أفعل وأحدهما مباح لقوله ( ! < فانتشروا في الأرض > ! ) والثاني واجب على ما يأتي تفصيله إن شاء الله وليس يمتنع في الشريعة اقتران المباح والواجب لما يأتي في ذلك من الفوائد ويتركب عليه من الأحكام فأما الأكل فلقضاء اللذة وأما إيتاء الحق فلقضاء حق النعمة فلله تعالى على العبد نعمة في البدن بالصحة واستقامة الأعضاء وسلامة الحواس ونعمة في المال بالتمليك والاستغناء وقضاء اللذات وبلوغ الآمال ففرض الصلاة كفاء نعمة البدن وفرض الزكاة كفاء نعمة المال وبدأ بذكر نعمة الأكل قبل الأمر بإيتاء الحق ليبين أن الابتداء بالنعمة كان من فضله قبل التكليف