وقلت .
( هويت غصنا لأطيار القلوب على ... قوامه في رياض الوجد تغريد ) .
( قالت لواحظه أنا نسود على ... بيض الظبا قلت أنتم سود وا ) .
وقد طال الشرح ولكن هذا الطول تنشرح له الصدور وتعلو به همة الطالب ولم يرض بعدها بالرخيص من هذا الفن ويتأيد إن الذين اقتديت برأيهم ومشيت على سننهم لم يرضوا بالمطابقة المجردة ولم ينظموها إلا في سلك التورية وقد أوردت لهم هنا من ذلك ما شنف الأسماع ورقص عند السماع والكمال لله فإن الشيخ صفي الدين لم يأت بالمطابقة إلا مجردة وبيته .
( قد طال ليلي وأجفاني به قصرت ... عن الرقاد فلم أصبح ولم أنم ) .
وبيت العميان مثله لكنه عامر بالركة والعقادة وهو .
( واسهر إذا نام سار وامض حيث ونى ... واسمح إذا شح نفسا وأسر إن يقم ) .
وبيت عز الدين .
( أبكي فيضحك عن در مطابقة ... حتى تشابه منثور بمنتظم ) .
لعمري إن بيت صفي الدين وبيت العميان يتنزلان عند هذا البيت العامر بالمحاسن منزلة الأطلال البالية فإن الشيخ عز الدين جمع فيه بين تسمية النوع من جنس الغزل وبين غرابة المعنى وحسن الانسجام ورقة النسيب وبديع اللف والنشر ولم يأت كل منهما إلا بمجرد المطابقة .
وأما قول العميان في آخر بيتهم وأسر إن يقم فهذا اللفظ من بقية ما سقط من حجارة البيت .
وبيت بديعتي هو .
( بوحشة بدلوا أنسي وقد خفضوا ... قدري وزادوا علوا في طباقهم ) .
فالمطابقة والتورية وتسمية النوع البديعي اجتمعت هنا في قافية هذا البيت الذي علا بطباقه وتفيأ أهل البديع بظل رواقه