الحسن الأشعري البصري وأصحابهما وذهب قوم إلى أن الإيمان هو إقرار باللسان بالله تعالى وإن اعتقد الكفر بقلبه فإذا فعل ذلك فهو مؤمن من أهل الجنة وهذا قول محمد بن كرام السجستاني وأصحابه ذهب قوم إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب والإقرار باللسان معا فإذا عرف المرء الدين بقلبه وأقر بلسانه فهو مسلم كامل الإيمان والإسلام وأن الأعمال لا تسمى إيمانا ولكنها شرائع الإيمان وهذا قول أبي حنيفة النعمان بن ثابت الفقيه وجماعة من الفقهاء ذهب سائر الفقهاء وأصحاب الحديث والمعتزلة والشيعة وجميع الخوارج إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب بالدين والإقرار به باللسان والعمل بالجوارح وأن كل طاعة وعمل خير فرضا كان أو نافلة فهي إيمان وكل ما ازداد الإنسان خيرا ازداد إيمانه وكلما عصى نقص إيمانه وقال محمد بن زياد الحريري الكوفي من آمن بالله D وكذب برسول الله A فليس مؤمنا على الإطلاق ولا كافرا على الإطلاق ولكنه مؤمن كافر لأنه آمن بالله تعالى فهو مؤمن وكافر بالرسول A فهو كافر .
قال أبو محمد فحجة الجهمية والكرامية والأشعرية ومن ذهب مذهب أبي حنيفة حجة واحدة وهي أنهم قالوا إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين وبلغة العرب خاطبنا الله تعالى ورسول الله A والإيمان في اللغة هو التصديق فقط والعمل بالجوارح لا يسمى في اللغة تصديقا فليس إيمانا قالوا والإيمان هو التوحيد والأعمال لا تسمى توحيدا فليست إيمانا قالوا ولو كانت الأعمال توحيدا وإيمانا لكان من ضيع شيئا منا قد ضيع الإيمان وفارق الإيمان فوجب أن لا يكون مؤمنا قالوا وهذه الحجة إنما تلزم أصحاب الحديث خاصة لا تلزم الخوارج ولا المعتزلة لأنهم يقولون بذهاب الإيمان جملة بإضاعة الأعمال .
قال أبو محمد ما لهم حجة غير ما ذكرنا وكل ما ذكروا فلا حجة لهم فيه أصلا لما نذكره إن شاء الله D .
قال أبو محمد أن الإيمان هو التصديق في اللغة فهذا حجة على الأشعرية والجهمية والكرامية مبطلة لأقوالهم إبطالا تاما كافيا لا يحتاج معه إلى غيره وذلك قولهم أن الإيمان في اللغة التي بها نزل القرآن هو التصديق فليس كما قالوا على الإطلاق وما سمى قط التصديق بالقلب دون التصديق باللسان إيمانا في لغة العرب وما قال قط عربي أن من صدق شيئا بقلبه فأعلن التكذيب به بقلبه وبلسانه فإنه لا يسمى مصدقا به أصلا ولا مؤمنا به البتة وكذلك ما سمي قط التصديق باللسان دون التصديق بالقلب إيمانا في لغة العرب أصلا على الإطلاق ولا يسمى تصديقا في لغة العرب ولا إيمانا مطلقا إلا من صدق بالشيء بقلبه ولسانه معا فبطل تعلق الجهمية والأشعرية باللغة جملة ثم نقول لمن ذهب مذهب أبي حنيفة في أن الإيمان إنما هو التصديق باللسان والقلب معا وتعلق في ذلك باللغة إن تعلقكم باللغة لا حجة لكم فيه أصلا لأن اللغة يجب فيها ضرورة أن كل من صدق بشيء فإنه مؤمن به وأنتم والأشعرية والجهمية والكرامية كلكم توقعون إسم الإيمان ولا تطلقونه على كل من صدق بشيء ما ولا تطلقونه إلا على صفة محدودة دون سائر الصفات وهي من صدق بالله D وبرسوله A وبكل ما جاء به القرآن والبعث والجنة والنار والصلاة والزكاة وغير ذلك مما قد أجمعت الأمة على أنه لا يكون مؤمنا من لم يصدق به وهذا خلاف