لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون فهذا نص جلي وخطاب للمؤمنين بأن إيمانهم يبطل جملة وأعمالهم تحبط برفع أصواتهم فوق صوت النبي A دون جحد كان منهم أصلا ولو كان منهم جحدا لشعروا له والله تعالى أخبرنا بأن ذلك يكون وهم لا يشعرون فصح أن من أعمال الجسد ما يكون كفرا مبطلا لإيمان فاعله جملة ومنه ما لا يكون كفرا لكن على ما حكم الله تعالى به في كل ذلك ولا مزيد .
قال أبو محمد فإن قال قائل من أين قلتم أن التصديق لا يتفاضل ونحن نجد خضرة أشد خضرة وشجاعة أشد من شجاعة لا سيما والشجاعة والتصديق كيفيات من صفات النفس معا فالجواب وبالله تعالى التوفيق أن كل ما قبل من الكيفيات الأشد والأضعف فإنما يقبلها بمزاج يدخله من كيفية أخرى ولا يكون ذلك إلا فيما بينه وبين ضده منها وسائط قد تمازج كل واحد من الضدين أو فيما جاز امتزاج الضدين فيه كما نجد بين الخضرة والبياض وسائط من حمرة وصفرة تمازجهما فتولد حينئذ بالممازجة الشدة والضعف وكالصحة التي هي اعتدال مزاج العفو فإذا مازج ذلك الإعتدال فضل ما كان مرضه بحسب ما ما زجه في الشدة والضعف والشجاعة إنما هي استسهال النفس للثبات والإقدام عند المعارضة في اللقاء فإذا ثبت الإثنان فإثباتا واحدا وأقداما إقداما مستويا فهما في الشجاعة سواء وإذا ثبت أحدهما أو أقدم فوق ثبات الآخر وإقدامه كان أشجع منه وكان الآخر قد مازج ثباته أو إقدامه جبن وأما ما كان من الكيفيات لا يقبل المزاج أصلا فلا سبيل إلى وجود التفاضل فيه وكان ذلك على حسن ما خلقه الله D من كل ذلك ولا مزيد كاللون فإنه لا سبيل إلى أن يكون لون أشد دخولا في أنه لون من لون آخر إذ لو مازج التصديق غيره لصار كذبا في الوقت ولو مازج التصديق شيئا غيره لصار شكا في الوقت وبطل التصديق جملة وبالله تعالى التوفيق والإيمان قد قلنا أنه ليس هو التصديق وحده بل أشياء مع التصديق كثيرة فإنما دخل التفاضل في كثرة تلك الأشياء وقلتها وفي كيفية إيرادها وبالله تعالى التوفيق وهكذا قال رسول الله A أنه يخرج من النار من في قلبه مثقال شعيرة من إيمان ثم من في قلبه مثقال برة من إيمان ثم من في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلى أدنى أدنى من ذلك إنما أراد عليه السلام من قصد إلى عمل شيء من الخير أو هم به ولم يعمله بعد أن يكون مصدقا بقلبه بالإسلام مقرا بلسانه كما في الحديث المذكور من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال كذا .
قال أبو محمد ومن النصوص على أن الأعمال إيمان قول الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فنص تعالى نصا جليا لا يحتمل تأويلا و أقسم تعالى بنفسه أنه لا يؤمن أحد إلا من حكم رسول الله A فيما شجر بينه وبين غيره ثم يسلم لما حكم به عليه السلام ولا يجد في نفسه حرجا مما قضى وهذه كلها أعمال باللسان وبالجوارح غير التصديق بلا شك وفي هذه كفاية لمن عقل .
قال أبو محمد ومن العجب قولهم أن الصلاة والصيام والزكاة ليست إيمانا لكنها شرائع الإيمان .
قال أبو محمد هذه تسمية لم يأذن الله تعالى بها ولا رسوله A ولا أحدا من