19 - قوله تعالى : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } وذلك أن أبا جهل قال يوم بدر لما التقى الناس : الله أقطعنا للرحم وآتانا بما لم نعرف فأحنه الغداة فكان هو المستفتح على نفسه .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال : قال عبد الرحمن بن عوف : إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانهما إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه : يا عم أرني أبا جهل فقلت : يا بن أخي وما تصنع به ؟ فقال : عاهدت الله D إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله فما سرني أني بين رجلين بمكانهما فأشرت لهما إليه فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه وهما ابنا عفراء .
وأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا محمد بن المثنى ثنا ابن أبي عدي عن سليمان التيمي عن أنس Bه قال : [ قال رسول الله A يوم : من ينظر لنا ما صنع أبو جهل ؟ قال : فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد قال : فأخذ بلحيته فقال : أنت أبو جهل ؟ فقال : وهل فوق رجل قتله قومه أو قتلتموه ] .
قال محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر قال : قال معاذ بن عمرو بن الجموح [ لما فرغ رسول الله A من غزوه أمر بأبي جهل بن هشام أن يلتمس في القتلى فقال : اللهم لا يعجزنك قال فلما سمعتها جعلته من شأني فعمدت نحوه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه قال : وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنه فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني جعلت عليه قدمي ثم تمطيت به حتى طرحتها ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق فمر عبد الله بن مسعود { بأبي جهل } قال عبد الله بن مسعود : وجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت رجلي على عنقه ثم قلت : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟ قال : وبماذا أخزاني أعمد من رجل قتلتموه أخبرني لمن الدائرة ؟ قلت : لله ولرسوله ] .
وروي عن ابن مسعود أنه قال : [ قال لي أبو جهل : لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا ثم احتززت رأسه ثم جئت به إلىرسول الله A فقلت : يا رسول الله هذا رأس أبي جهل فقال : آلله الذي لا إله غيره ؟ قلت : نعم والذي لا إله غيره ثم ألقيته بين يدي رسول الله A فحمد الله D ] .
وقال السيدي و الكلبي : كان المشركون حين خرجوا إلى النبي A من مكة أخذوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدينين ففيه نزلت : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } أي : إن تستنصروا فقد جاءكم النصر .
وقال عكرمة : قال المشركون والله لا نعرف ماجاء به محمد فافتح بيننا وبينه بالحق فأنزل الله D : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } أي : إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء .
وقال أبي بن كعب : هذا خطاب لأصحاب رسول الله A قال الله تعالى للمسلمين : { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح } أي : إن تستنصروا فقد جاءكم الفتح والنصر .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أحمد بن الحسن الحيري أنا حاجب بن أحمد ثنا عبد الرحيم بن منيب ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن خباب Bه قال : شكونا إلى النبي A وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلنا : ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا ؟ فجلس محمارا لونه أو وجهه فقال لنا : [ قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل ويحفر له في الأرض ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ثم يجعل بفرقتين ما يصرف ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب ما يصرفه عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب منكم من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله ولكنكم تعجلون ] .
قوله : { وإن تنتهوا } يقول للكفار : إن تنتهوا عن الكفر بالله وقتال نبيه A { فهو خير لكم وإن تعودوا } لحربه وقتاله { نعد } بمثل الواقعة التي وقعت بكم يوم بدر وقيل : وإن تعودوا إلى الدعاء والاستفتاح نعد للفتح لمحمد A { ولن تغني عنكم فئتكم } جماعتكم { شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين } قرأ أهل المدينةو ابن عامر و حفص ( وأن الله ) بفتح الهمزة أي : ولأن الله مع المؤمنين كذلك { لن تغني عنكم فئتكم شيئا } وقيل : هو عطف على قوله : { ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين } وقرأ آخرون : ( وإن الله ) بكسر الألف على الابتداء