@ 496 @ .
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * يُعَذّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء } لما ذكر تعالى تصرفه في أحكام المحاربين وأحكام السرّاق ، ولم يحاب ما ذكر من العقوبات عليهم ، نبه على أن ذلك هو تصرف في ملكه ، وملكه لا معقب لحكمه ، فيعذب من يشاء عذابه وهم المخالفون لأمره ، ويغفر لمن يشاء وهم التائبون . والخطاب في ألم تعلم قيل : للنبي صلى الله عليه وسلم ) ، وقيل : لكل مكلف ، وقيل : للمجترىء على السرقة وغيرها من المحظورات . فالمعنى : ألم تعلم أنّك عاجز عن الخروج عن ملكي ، هارباً مني ومن عذابي ، فلم اجترأت على ما منعتك منه ؟ وأبعد من ذهب أنه خطاب اليهود كانوا بحضرة الرسول ، والمعنى : ألم تعلموا أنه له ملك السموات والأرض ، لا قرابة ولا نسب بينه وبين أحد حتى يحابيه ، ويترك القائلين نحن أبناء الله وأحباؤه . قال الزمخشري : من يشاء من يجب في الحكم تعذيبه والمغفرة له من المصرّين والتائبين انتهى . وفيه دسيسة الاعتزال . وقد يسقط حد الحربي إذا سرق بالتوبة ليكون أدعى له إلى الإسلام وأبعد من التنفير عنه ، ولا نسقطه عن المسلم لأن في إقامته الصلاح للمؤمنين والحياة { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَواةٌ } وقال ابن عباس والضحاك : يعذب من يشاء ، أي من مات على كفره ، ويغفر لمن يشاء ممن تاب عن كفره . وقيل : ذلك في الدنيا ، يعذب من يشاء في الدنيا على معصيته بالقتل والخسف والسبي والأسر وإذهاب المال والجدب والنفي والخزي والجزية وغير ذلك ، ويغفر لمن يشاء منهم في الدنيا بالتوبة عليه من كفره ومعصيته فينقذه من الهلكة وينجيه من العقوبة . .
{ وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ } كثيراً ما يعقب هذه الجملة ما دل على التصرّف التام ، والملك والخلق والاختراع ، وهي في غاية المناسبة عقيب ما ذكروه من ذلك قوله تعالى : { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } . .
( { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ * ياأَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ ءَامَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ ءَاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَاذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَائِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْىٌ وَلَهُمْ فِى الاٌّ خِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذالِكَ وَمَآ أُوْلَائِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالاٌّ حْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ