@ 361 @ تكليفاته وفي قوله { هُوَ } تفخيم واختصاص ، أي هو لا غيره . { مِنْ حَرَجٍ } من تضييق بل هي حنيفية سمحة ليس فيها تشديد بني إسرائيل بل شرع فيها التوبة والكفارات والرخص . وانتصب { مّلَّةَ أَبِيكُمْ } بفعل محذوف ، وقدره ابن عطية جعلها { مِلَّةَ } وقال الزمخشري : نصب الملة بمضمون ما تقدّمها كأنه قيل وسع دينكم توسعة ملة أبيكم ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه أو على الاختصاص أي أعني بالدين { مّلَّةَ أَبِيكُمْ } كقوله : الحمد لله الحميد ، وقال الحوفي وأبو البقاء : اتبعوا ملة إبراهيم . وقال الفراء : هو نصب على تقدير حذف الكاف ، كأنه قيل كلمة { أَبِيكُمْ } بالإضافة إلى أبيه الرسول ، وأمة الرسول في حكم أولاده فصارا بالأمته بهذه الوساطة . وقيل : لما كان أكثرهم من ولده كالرسول ورهطه وجميع العرب طلب الأكثر فأضيف إليهم . وجاء قوله { مِلَّةَ } { إِبْرَاهِيمَ } باعتبار عبادة الله وترك الأوثان وهو المسوق له الآيات المتقدمة ، فلا يدل ذلك على الاتباع في تفاصيل الشرائع . .
والظاهر أن الضمير في { هُوَ سَمَّاكُمُ } عائد على { إِبْرَاهِيمَ } وهو أقرب مذكور ولكل نبيّ دعوة مستجابة ودعا إبراهيم فقال { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ } فاستجاب الله له فجعلها أمة محمد عليه الصلاة والسلام ، وقاله ابن زيد والحسن . وقيل : يعود { هُوَ } إلى الله وهو قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك . وعن ابن عباس : إن الله { سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ } أي في كل الكتب { وَفِى هَاذَا } أي القرآن ، ويدل على أن الضمير لله قراءة أبيّ الله سماكم . قال ابن عطية : وهذه اللفظة يعني قوله { وَفِى هَاذَا } تضعيف قول من قال الضمير لإبراهيم ، ولا يتوجه إلاّ على تقدير محذوف من الكلام مستأنف انتهى . وتقدير المحذوف وسميتم في هذا القرآن المسلمين ، والمعنى أنه فضلكم على الأمم وسماكم بهذا الاسم . .
{ لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ } أنه قد بلغكم { وَتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } بأن الرسل قد بلغتهم ، وإذ قد خصكم بهذه الكرامة والأثرة فاعبدوه وثقوا به ولا تطلبوا النصرة والولاية إلاّ منه فهو خير مولى وناصر . وعن قتادة أعطيت هذه الأمة ما لم يعطه إلاّ نبي . قيل للنبي : أنت شهيد على أمتك . وقيل له : ليس عليك حرج . وقيل له : سل تعط . وقيل : لهذه الأمة : { وَتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ } وقيل لهم { مَّا جَعَلَ * عَلَيْكمْ فِى الدّينِ مِنْ حَرَجٍ } وقيل لهم { ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ } { وَاعْتَصِمُواْ } قال ابن عباس سلوا ربكم أن يعصمكم من كل ما يكره . وقال الحسن تمسكوا بدين الله . .