@ 393 @ معظمة أو موضحة { أَنزَلْنَاهَا } فيجوز ذلك . .
وقال الفراء : { سُورَةٌ } حال من الهاء والألف والحال من المكنى يجوز أن يتقدّم عليه انتهى . فيكون الضمير المنصوب في { أَنزَلْنَاهَا } ليس عائداً على { سُورَةٌ } وكان المعنى أنزلنا الأحكام { * فرضناها } سورة أي في حال كونها سورة من سور القرآن ، فليست هذه الأحكام ثابتة بالسنة فقط بل بالقرآن ، والسنة . .
وقرأ الجمهور { أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا } بتخفيف الراء أي فرضنا أحكامها وجعلناها واجبة متطوّعاً بها . وقيل : وفرضنا العمل بما فيها . وقرأ عبد الله وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة وأبو عمرو وابن كثير بتشديد الراء ما للمبالغة في الإيجاب ، وإما لأن فيها فرائض شتى أو لكثرة المفروض عليهم . قيل : وكل أمر ونهي في هذه السورة فهو فرض . .
{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا } بينات أمثالاً ومواعظ وأحكاماً ليس فيها مشكل يحتاج إلى تأويل . وقرأ الجمهور { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى } بالرفع ، وعبد الله والزان بغير ياء ، ومذهب سيبويه أنه مبتدأ والخبر محذوف أي فيما يتلى عليكم حكم { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى } وقوله { فَاجْلِدُواْ } بيان لذلك الحكم ، وذهب الفراء والمبرد والزجاج إلى أن الخبر { فَاجْلِدُواْ } وجوزه الزمخشري ، وسبب الخلاف هو أنه عند سيبويه لا بد أن يكون المبتدأ الداخل الفاء في خبره موصولاً بما يقبل أداة الشرط لفظاً أو تقديراً ، واسم الفاعل واسم المفعول لا يجوز أن يدخل عليه أداة الشرط وغير سيبويه ممن ذكرنا لم يشرط ذلك ، وتقرير المذهبين والترجيح مذكور في النحو . وقرأ عيسى الثقفي ويحيى بن يعمر وعمرو بن فأئد وأبو جعفر وشيبة وأبو السمال ورويس { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى } بنصبهما على الاشتغال ، أي واجلدوا { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى } كقولك زيداً فضربه ، ولدخول الفاء تقرير ذكر في علم النحو والنصب هنا أحسن منه في { سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا } لأجل الأمر ، وتضمنت السورة أحكاماً كثيرة فيما يتعلق بالزنا ونكاح الزواني وقذف المحصنات والتلاعن والحجاب وغير ذلك . فبدى بالزناء لقبحه وما يحدث عنه من المفاسد والعار . وكان قد نشأ في العرب وصار من إمائهم أصحاب رايات وقدّمت الزانية على الزاني لأن داعيتها أقوى لقوة شهوتها ونقصان عقلها ، ولأن زناها أفحش وأكثر عاراً وللعلوق بولد الزنا وحال النساء الحجبة والصيانة . .
وقال الزمخشري : فإن قلت : قدّمت الزانية على الزاني أولاً ثم قدم عليها ثانياً ؟ قلت : سبقت تلك الآية لعقوبتهما على ما جنيا والمرأة على المادة التي منها نشأت الجناية ، فإنها لو لم تطمع الرجل ولم تربض له ولم تمكنه لم يطمع ولم يتمكن ، فلما كانت أصلاً وأولاً في ذلك بدىء بذكرها ، وأما الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه لأنه هو الراغب والخاطب ومنه يبدأ الطلب انتهى . ولا يتم هذا الجواب في الثانية إلاّ إذا حمل النكاح على العقد لا على الوطء . وأل في { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى } للعموم في جميع الزناة . .
وقال ابن سلام وغيره : هو مختص بالبكرين والجلد إصابة الجلد بالضرب كما تقول : رأسه وبطنه وظهره أي ضرب رأسه وبطنه وظهره وهذا مطرد في أسماء الأعيان الثلاثية العضوية ، والظاهر اندراج الكافر والعبد والمحصن في هذا العموم وهو لا يندرج في المجنون ولا الصبيّ بإجماع . وقال ابن سلام وغيره : واتفق فقهاء الأمصار على أن المحصن يرجم ولا يجلد . وقال الحسن وإسحاق وأحمد : يجلد ثم يرجم : وجلد عليّ رضي الله عنه شراحة الهمدانية ثم رجمها وقال : جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، ولا حجة في كون مرجومة أنيس والغامدية لم ينقل جلدهما لأن ذلك معلوم من أحكام القرآن فلا ينقل إلاّ ما كان زائداً على القرآن وهو الرجم ، فلذلك ذكر الرجم ولم يذكر الجلد . ومذهب أبي حنيفة أن من شرط الإحصان الإسلام ، ومذهب الشافعي أنه ليس بشرط ، واتفقوا على أن الأمة تجلد خمسين وكذا العبد على مذهب الجمهور . وقال أهل الظاهر : يجلد العبد مائة ومنهم من قال : تجلد الأمة مائة إلاّ إذا تزوجت فخمسين ، والظاهر اندراج الذمّيين في الزانية والزاني فيجلدان عند أبي حنيفة والشافعي وإذا كانا محصنين يرجمان عند الشافعي . وقال مالك : لا حد عليهما والظاهر أنه ليس على الزانية والزاني حد غير الجلد فقط وهو مذهب الخوارج ، وقد ثبت الرجم بالسنة المستفيضة وعمل به بعد الرسول خلفاء الإسلام أبو بكر وعمر وعليّ ، ومن الصحابة جابر وأبو هريرة وبريدة الأسلمي