قرارات وتوصيات المؤتمر الدولي الثاني عشر للوحدة الإسلامية المنعقد في طهران تحت عنوان: الإسلام والأمة الإسلامية في القرن القادم بسم الله الر حمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين. بعون الله وحوله وقوته عقد المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية مؤتمره العالمي السنوي الثاني عشر للوحدة الإسلامية في طهران خلال أيام إسبوع الوحدة بمناسبة المولد النبوي الشريف ومولد حفيده الإمام الصادق «ع» واستغرق أربعة أيام من 14 - 17 ربيع الأول 1420هـ الموافق 28 حزيران ـ 1 تموز 1999 تحت عنوان: «الإسلام والأمة الإسلامية في القرن القادم» شارك فيه علماء ومفكرون من 40 بلداً من بلدان العالم. في جلسة الافتتاح بعد كلمة الترحيب التي ألقاها الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ألقى آية الله الشيخ الهاشمي الرفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام كلمة أكد فيها على ضرورة تصعيد الروح الإسلامية بين الحكّام والشعوب كي تكون المصلحة الإسلامية متفوقة على جميع المصالح الأخرى في القرارات والمواقف والعلاقات. وفي نفس الجلسة الافتتاحية القيت كلمات ممثلي رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية في طهران والمعهد العالمي للفكر الإسلامي وجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية في أميركا وجامعة قطر وجامعة حلب. ثم تلتها ثماني جلسات علمية. وحظي المشاركون في اليوم الأخير للمؤتمر بلقاء الإمام السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية حيث ركّز على أنّ وحدة الأمّة الإسلامية بكل مظاهرها لابد أن تتحقق وفق ما بشّرت به النصوص الإسلامية. تناولت كل جلسة من الجلسات الثماني محوراً خاصاً القى فيه الباحثون موجزاً لاوراقهم ثم تلتها مداخلات كان لها اثرها في اغناء المؤتمر. والمحاور الثمانية هي بالترتيب: ـ الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب. ـ الحوار بين الأديان والمذاهب والحضارات. ـ الإسلام والديمقراطية. ـ العصرنة. ـ العولمة. ـ العالم الإسلامي: مشاكل وحلول. ـ المسيحية والتبشير والاستشراق. وصادق المؤتمر في نهاية جلساته على القرارات والتوصيات التالية باعتبارها حصيلة البحوث والمداخلات: 1ـ أثنى المؤتمر على النقلة النوعية التي حصلت في توجهات دورته هذه حيث وجه بحوثه نحو التركيز على مستقبل الأمة الإسلامية وهو أمر يجب أن يتخذه المهتمون بأمر التقريب مرتكزاً لهم في أعمالهم العلمية ودراساتهم ومؤتمراتهم، كي يعالج الماضي برؤية مستقبلية تطمح إلى استعادة موقع الأمة على الساحة العالمية بأمل المؤمنين ويقينهم بمستقبل زاهر باذن الله تعالى. 2ـ يرى المؤتمر ان العالم الإسلامي بأجمعه يواجه غزواً يستهدف وجوده وهويته وثقافته واقتصاده باسم «العلمانية» «العولمة» تارة و«الشرق أوسطية» و«النظام العالمي الجديد» تارة أخرى، ويرى أنّ الخيار الوحيد أمام العالم الإسلامي هو التضامن والتكاتف والتعاون الإسلامي على مختلف الأصعدة لتقديم عالمية إسلامية عادلة بديلة عن المركزية الغربية القائمة على أساس الهيمنة والتسلط وفرض القيم الغربية وتدمير خصوصيات الامم. 3ـ يدعو المؤتمر كلّ البلدان الإسلامية إلى الاسراع في حلّ خلافاتها لسدّ الثغرات أمام تدخل القوى الطامعة ولمنع استنزاف القوى المادية والبشرية الإسلامية في أتون النزاعات الاقليمية. 4ـ يؤكد المؤتمر أنّ الصهيونية ومن ورائها النظام الأميركي تمثل أكبر تحدّ للأمة الإسلامية بل للمنظومة الإسلامية وقيمها الروحية حضارياً واقتصادياً واخلاقياً وثقافياً، ولابدّ من وقفة مشتركة إسلامية وانسانية أمام هذا العبث الدولي بمصائر الشعوب ومقدّراتها وكرامتها واستقلالها. 5ـ استعرض المؤتمر قضايا الصحوة الإسلامية في العالم باعتبارها أمل الأمة في وحدتها وبارك لكل العاملين في سبيل رفعة هذه الأمة جهودهم وثمّن تضحياتهم وأدان كل الممارسات الخاطئة التي تسيء إلى هذه الصحوة كما أدان كلّ عمليات القمع والارهاب التي ترتكب بحق جيل الصحوة ورجالها. 6ـ أكد المؤتمر أن القرن القادم يفرض على العالم الإسلامي أن يعبّىء كلّ طاقاته الفكرية والعلمية لوضع الخطط الكفيلة بحماية حركة التنمية الاجتماعية والتقنية العلمية فيه، مع ضرورة التعاون والتبادل الاقتصادي والثقافي بين البلدان الإسلامية لدعم هذه الحركة ودفعها نحو الاكتفاء الذاتي. 7ـ ناقش المؤتمر الوضع الإعلامي في العالم الإسلامي وتوصل إلى أنّ الأمة بحاجة ماسة وضرورية إلى بناء إعلام عالمي مسموع ومقروء ومكتوب يستطيع أن يبني أجيالاً إسلامية صاعدة وينقذ المسلمين من هجوم الإعلام المضلل الذي تقوده الصهيونية العالمية بهدف إغراق البشرية في أوحال الرذيلة وضياع الشخصية الإنسانية، شرط أن يكون الاعلام البديل بيد علماء حكماء متخصصين قادرين على ان يحسنوا الخطاب مع أبناء الأمة وخاصة جيل الشباب. 8 ـ طالب المؤتمر «المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية» أن ينشىء له فروعاً في بقاع العالم الإسلامي، كي تتسع دائرة نشاطات التقريب وتتخذ صفة عالمية يساهم فيها كل المتطلعين إلى غد أفضل لهذه الأمة كما أهاب بالدول الإسلامية توفير الظروف المناسبة لتنشيط حركة التقريب والوحدة في بلدانها ودعا الحكومات الإسلامية لتقديم نماذج صحيحة في التعاون بين المذاهب عامة. 9ـ يتمنى المؤتمر على المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية توسيع نطاق منشوراته العلمية كي تصل إلى أيدي المهتمين وخاصة فيما يرتبط بمجلته العلمية «رسالة التقريب» راجين تخصيص طبعة للعالم العربي تيسيراً لتوزيعها على المهتمين العرب. كما يرجو تعميم ثقافة التقريب وفقه الوحدة وأدب الحوار لتشمل جميع الشرائح في الأمة ولتصبح روحاً عامة عند جميع المسلمين. 10ـ ثمّن المؤتمرون إعلان الإمام الخامنئي ـ حفظه الله ـ هذا العام عاماً للإمام الخميني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ وطالبوا كلّ الباحثين الكشف عن جوانب شخصية الإمام الراحل وأفكاره وخاصة فيما يرتبط بوحدة المسلمين ومشروعه باستعادة العزّة الإسلامية «الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه». 11 ـ يثمّن المؤتمر الاقتراح الذي قدّمه الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية لتحويل اتحاد البرلمانات الإسلامية إلى مجلس شورى إسلامي موحد. 12 ـ يؤكد المؤتمر أنّ دعوة الجمهورية الإسلامية الايرانية إلى حوار الحضارات وإعلان سنة 2001 سنة حوار عالمي بين الحضارات من قبل الامم المتحدة يفصح عن قدرة الخطاب الإسلامي على الحضور في ساحة الفكر العالمي وطبيعة الإسلام في التعامل مع الرأي الآخر ويدعو جميع المفكرين في العالم إلى استثمار هذه الفرصة واقامة حوار ندّي متكافىء يخدم البشرية جمعاء ويوطّد الامن والسلام في ربوعها ويقف بوجه تيار الصدام والعدوان في العالم. 13ـ درس المؤتمر الصعاب والمشاكل التي تعتري مسيرة الأمة الإسلامية نحو أهدافها المنشودة، غير أنّه رأى في الافق مفردات كثيرة تبعث على الأمل في مستقبل واحد لهذه الأمة خاصة في ظل التحرك الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والتقارب الإيراني العربي، وانكشاف النوايا الصهيونية، وتصاعد الاخطار المحدقة بالمسلمين وارتفاع مدّ الصحوة الإسلامية وايمان الشعوب المسلمة بل وغيرها أحياناً بالحلّ الإسلامي وانتشار سبل الاتصال والارتباط بين الشعوب. 14ـ ثمّن المؤتمر التطورات الايجابية في العلاقات الإسلامية وأكد على تعزيز التفاهم والاخوّة بين المسلمين وندد بالاصوات المشبوهة التي تحاول بثّ الفرقة والنزاع بين المسلمين. 15ـ يوصي المؤتمر بانشاء «مرصد ثقافي» يتولى عملية رصد وتمحيص كل ما في التراث الإسلامي المشترك والخاص من قضايا تخدم اتجاهات الفرقة والاختلاف بين سائر فرق المسلمين وتجميعه في موسوعات شبيهة بموسوعات «الاحاديث الموضوعة» ووضع مقدمات شارحة لها تربطها بظروفها التاريخية، وتفسير أسباب ورودها لتساعد على ايجاد قراءات معرفية لها من الاجيال القادمة، وتكون شاملة لكل العلوم والمعارف الإسلامية. 16 ـ يدعو المؤتمر إلى اعادة قراءة الاحداث الكبرى في التاريخ الإسلامي بدءاً من صدر الإسلام وحتى عصرنا الحالي وفق منهج معرفي نقدي بنّاء وتقديمها للاجيال المعاصرة بشكل يمكّن من ايجاد تصور مشترك لها ولتداعياتها. 17ـ يطالب المؤتمر باشاعة آداب الاختلاف والحوار وتكثيفها وتفسير وابراز اسبابها الموضوعية لادراجها في اطار التنوع والتعدد المؤدي إلى التعارف فالتآلف فالتعاون. 18ـ يوصي المؤتمر بالعمل على تعزيز دروس الحضارة الإسلامية والثقافة الإسلامية في سائر برامج ومراحل التعليم على ان تضمن المشتركات بين سائر المسلمين، وتبرز وتعزز عناصر التلاقي بينهم. 19 ـ يؤكد المؤتمر على ضرورة توثيق عرى التعاون بين المجمع العالمي للتقريب والمجامع المشابهة في العالمين العربي والإسلامي من مؤسسات ومراكز ابحاث وجامعات للتنسيق والتعاون على تحقيق ما ذكرنا ووضع خطة مشتركة للثقافة الشاملة للتقريب والوحدة. 20 ـ يدعو المؤتمر إلى تفعيل آليات منظمة المؤتمر الإسلامي وتحويل قراراتها إلى قرارات ملزمة وتكميل مؤسساتها ولاسيما في مجال وحدة المسلمين وحل الاختلافات. 21 ـ رفع المؤتمر أحرّ تحياته ومشاعره القلبية لفصائل المقاومة الإسلامية في الارض الفلسطينية المحتلة ولصمود الشعب الفلسطيني وأكد أنّ جهادهم المشترك يشكّل تصديا لمشاريع الاستسلام والهزيمة والتفريط بالحقّ الفلسطيني والعربي والإسلامي وشدد على ضرورة الجهاد بكل السبل لتحرير كل فلسطين والقدس الشريف من رجس السيطرة الصهيونية وبراثن الاحتلال. كما حيّى المؤتمر المقاومة الإسلامية المجاهدة في جنوب لبنان والبقاع الغربي، ودفاعها عن شرف الأمة وكرامتها. 22ـ يدين المؤتمر كل ممارسات الاضطهاد والقمع والتصفيات العرقية والدينية التي يتعرض لها المسلمون في فلسطين والبلقان وكشمير وأمثالها، كما يندّد المؤتمر بكل المؤامرات التي تستهدف وحدة السودان والعراق وغيرهما من البلدان الإسلامية، ويهيب بالشعوب الإسلامية وبكل أحرار العالم الوقوف إلى جانب الشعب العراقي في معاناته والعمل على انقاذه مما يتعرض له من ظلم. 23 ـ يدعو المؤتمر المسؤولين في البلدان الإسلامية للاهتمام والاعتناء بالاقليات الإسلامية التي تشكل ثلث عدد المسلمين، وتقوية بنيتها ودعم شخصيتها الإسلامية وحمايتها من عمليات التبشير والتذويب. 24 ـ يدعو المؤتمر إلى ان تنعقد دورته السنوية القادمة تحت عنوان: «الأمة الإسلامية: آلام وآمال». وفي الختام توجه المشاركون بالشكر والتقدير للجمهورية الإسلامية قيادة وحكومة وشعبا على الاهتمام بقضايا وحدة المسلمين وتقارب مذاهبهم كما شكروا «المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية» على الجهود التي بذلها لانجاح المؤتمر وتوفير ظروف مشاركة الباحثين والعلماء في أعماله سائلين الله سبحانه وتعالى التوفيق لكل العاملين في سبيل اعلاء كلمة الإسلام وعزة المسلمين ووحدة الأمة الإسلامية. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين