هو الذي صنع منها منطقاً يفسر به المجتمع والتاريخ والدولة وباقي مظاهر الحياة. وجاء ماركس فوضع فلسفته المادية على أساس ديالكتيكي. فقوانين الديالكتيك: هي القوانين التي تثبت التناقض ـ بعكس المنطق الأرسطي ـ في كل الأشياء وتفسر كل تطور في الكون على ذلك الأساس. فتفترض قضية أولى وتجعل أصلاً، ثم ينقلب هذا الأصل إلى نقيضه بحكم الصراع الداخلي بين المتناقضات ثم يتحد النقيضان، وهذا الاتحاد سيكون قضية أولى وسيتطور وفقاً لذلك وهكذا تتطور الأشياء إلى الأبد([16]). تطبيق القوانين على الصعيد الاجتماعي: لما كانت الماركسية تعتقد بعمومية قوانين الديالكتيك في الكون كله ولذا فهي تطبقها بالطبع على المجتمع، بل أن تطبيقها على المجتمع هو الهدف السياسي الأصيل الذي استهدفته في فلسفتها. فهي تعتبر هذا الصراع القائم بين الطبقات الاجتماعية معبراً عن قانون التناقض الديالكتيكية، وترى أن هذه التناقضات الطبقية تتجمّع شيئاً فشيئاً حتى يحصل بالانفجار أو تتحول تلك التغيرات الكمية في المجتمع إلى تغير كيفي للنظام الاجتماعي. وهكذا يتطور المجتمع ـ ككل موجود آخر ـ لا بفعل عامل خارجي بل بفعل التناقضات الداخلية فيه. ولما كانت البحوث التاريخية تبدأ باستعمال طريقة تحليلية وتنتهي معها إلى نتائج معينة فقد كان من اللازم على الماركسية أن تحلل الأحداث التاريخية تحليلا ديالكتيكياً أولا، ثم تنتهي إلى نتائج متفقة مع قوانين الديالكتيك ثانياً. فهل استطاعت الماركسية أن تقوم بذلك؟ الحقيقة أنها وإن نجحت نوعاً ما في الأمر الأول لكنها فشلت فشلا خطيراً في الأمر