الإسراء 101 102 بالإنفاق إذ ليس في الدنيا أحد إلا وهو يختار النفع لنفسه ولو آثر غيره بشيء فإنما يؤثره لعوض يفوقه فإذن هو بخيل بالاضافة إلى جود الله سبحانه وكان الإنسان قتورا مبالغا في البخل لأن مبنى أمره على الحاجة والضنة بما يحتاج إليه وملاحظة العوض بما يبذله ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات واضحات الدلالة على نبوته وصحة ما جاء به من عند الله وهي العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والطوفان والسنون ونقص الثمرات وقيل انفجار الماء من الحجر ونتق الطور على بنى إسرائيل وانفلاق البحر بدل الثلاث الأخيرة ويأباه أن هذه الثلاث لم تكن منزلة إذ ذاك وأن الأولين لا تعلق لهما بفرعون وإنما أوتيهما بنو اسرائيل عن صفوان بن عسال أن يهوديا سأل النبي A عنها فقال أن لا تشركوا به شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببرئ إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف وعليكم خاصة اليهود أن لا تعدوا في السبت فقبل اليهودي يده ورجله A ولا يساعده أيضا ما ذكر ولعل جوابه A بذلك لما أنه المهم للسائل وقبوله لما أنه كان في التوارة مسطورا وقد علم أنه ما علمه رسول الله A إلا من جهة الوحي فاسأل بني اسرائيل وقرئ فسل اي فقلنا له سلهم من فرعون وقل له ارسل معي بني إسرائيل أو سلهم عن ايمانهم أو عن حال دينهم أو سلهم أن يعاضدوك ويؤيده قراءة رسول الله A على صيغة الماضي وقيل الخطاب للنبي A أي فاسألهم عن تلك الآيات لتزداد يقينا وطمأنينة أو ليظهر صدقك إذ جاءهم متعلق بقلنا وبسأل على القراءة المذكورة وبآياتنا أو بمضمر هو يخبروك أو اذكر على تقدير كون الخطاب للرسول A فقال له فرعون الفاء فصيحة أي فأظهر عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما أرسل به فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا سحرت فتخبط عقلك قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء يعني الآيات التي أظهرها إلا رب السموات والأرض خالقهما ومدبرهما والتعرض لربوبيته تعالى لهما للايذان بأنه لا يقدر على ايتاء مثل هاتيك الايات العظام الا خالقهما ومدبرهما بصائر حال من الآيات أي بينات مكشوفات تبصرك صدقي ولكنك تعاند وتكابر نحو وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ومن ضرورة ذلك العلم العلم بأنه A على كمال رصانة العقل فضلا عن توهم المسحورية وقرئ علمت على صيغة التكلم أي لقد علمت بيقين أن هذه الايات الباهرة أنزلها الله عز سلطانه فكيف يتوهم أن يحوم حولي سحر وإني لأظنك يا فرعون مثورا مصروفا عن الخير مطبوعا على الشر من قولهم ما ثبرك عن هذا أي ما صرفك أو هالكا ولقد قارع A ظنه بظنه وشتان بينهما كيف لا وظن فرعون