سورة الملك 11 14 .
ممن يسمع او يعقل لو كنا نسمع كلاما او نعقل شيئا ما كنا في اصحاب السعير اي في عدادهم ومن اتباعهم وهم الشياطين لقوله تعالى واعتدنا لهم عذاب السعير كأن الخزنة قالوا لهم في تضاعيف التوبيخ الم تسمعوا آيات ربكم ولم تعقلوا معانيها حتى لا تكذبوا بها فأجابوا بذلك فاعترفوا بذنبهم الذي هو كفرهم وتكذيبهم بآيات الله ورسله فسحقا بسكون الحاء وقرىء بضمها مصدر مؤكد اما لفعل متعد من المزيد بحذف الزوائد كما في قعدك الله اي فاسحقهم الله اي ابعدهم من رحمته سحقا أي اسحاقا او لفعل مترتب على ذلك الفعل أي فاسحقهم الله فسحقوا اي بعدوا سحقا اي بعدا كما في قول من قال او عضة دهريا ابن مروان لم تدع من المال الا مسحت او مجلف اي لم تدع فلم يبق الا مسحت الخ وعلى هذين الوجهين قوله تعالى وانبتها نباتا حسنا واللام في قوله تعالى لأصحاب السعير للبيان كما في هيت لك ونحوه والمراد بهم الشياطين والداخلون في عدادهم بطريق التغليب ان الذين يخشون ربهم بالغيب اي يخافون عذابه غائبا عنهم او غائبين عنه او عن أعين الناس او بما خفى منهم وهو قلوبهم لهم مغفرة عظيمة لذنوبهم وأجر كبير لا يقادر قدره واسروا قولكم او اجهروابه بيان لتساوي السر والجهر بالنسبة الى علمه تعالى كما في قوله سواء منكم من اسر القول ومن جهر به قال ابن عباس Bهما نزلت في المشركين كانوا ينالون من النبي E فيوحى اليه E فقال بعضهم لبعض اسروا قولمكم كيلا يسمع رب محمد فقيل لهم اسروا ذلك او اجهروا به فان الله يعلمه وتقديم السر على الجهر للايذان بافتضاحهم ووقوع ما يحذرونه من اول الأمر والمبالغة في بيان شمول علمه المحيط لجميع المعلومات كأن علمه تعالى بما يسرونه اقدر منه بما يجهرون به مع كونهما في الحقيقة على السوية فان علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها بل وجود كل شيء في نفسه علم بالنسبة اليه تعالى او لأن مرتبة السر متقدمة على مرتبة الجهر اذ ما من شيء يجهر به الا وهو او مباديه مضمر في القلب يتعلق به الأسرار غالبا فتعلق علمه تعالى بحالته الأولى متقدم على تعلقه بحالته الثانية وقوله تعالى انه عليم بذات الصدور تعليل لما قبله وتقرير له وفي صيغة الفعيل وتحلية الصدور بلام الاستغراق ووصف الضمائر بصاحبيتها من الجزالة ما لا غاية وراءه كأنه قيل انه مبالغ في الاحاطة بمضمرات جميع الناس واسرارهم الخفية المستكنة في صدورهم بحيث لا تكاد تفارقها اصلا فكيف يخفى عليه ما تسرونه وتجهرون به ويجوز أن يراد بذات الصدور القلوب التي في الصدر والمعنى انه عليم بالقلوب واحوالها فلا يخفى عليه سر من أسرارها وقوله تعالى الا يعلم من خلق