@ 34 @ $ حصار مدينة فاس ثم فتحها والإيقاع بثوارها $ .
لما قفل المولى الرشيد رحمه الله من سجلماسة إلى تازا أقام بها أياما فاتفق أهل فاس مع أحلافهم من الحياينة أن يغيروا عليه بمستقره منها ويبدأوه بالحرب قبل أن يبدأهم ليكون ذلك كاسرا من شوكته وفاتا في عضده فتأهبوا للحرب وخرجوا في شوال سنة خمس وسبعين وألف ولما قابلوا محلته افترقت كلمتهم ورجعوا منهزمين من غير قتال فتبعهم المولى الرشيد إلى قنطرة نهر سبو خارج فاس ثم رجع عنهم فبعثوا إليه في الصلح فلم يتم بينه وبينهم صلح إلى أن ملك أطراف المغرب كله وكان ذلك من حسن تدبيره وترتيبه الأمور .
ثم دخلت سنة ست وسبعين وألف ففي صفر منها زحف إلى فاس وحاصرها وقاتلها ثلاثة أيام فأصابته رصاصة في طرف أذنه ورجع سالما ثم عاد إلى حصارها مرة أخرى في ربيع الأول من السنة المذكورة فقتل ونهب ورجع إلى تازا لأنه لم يأت بقصد فتحها ثم توجه إلى الريف بقصد الرئيس أبي محمد عبد الله آعراس الثائر به فكانت بينهما وقعات وحاصره في بعض حصونه إلى أن قبض عليه في رمضان من السنة فعفا عنه واستبقاه وكر راجعا إلى فاس فنزل عليها في أواخر ذي القعدة من السنة وقاتلها قتالا شديدا إلى ثالث ذي الحجة فاقتحم فاسا الجديد من أعلى السور من ناحية الملاح وفر أميرها يومئذ أبو عبد الله الدريدي وهذا الدريدي كان في جملة من إخوانه بني دريد بن أثبج الهلاليين وكانوا في ديوان السعديين ولما بايع أهل فاس الرئيس أبا عبد الله محمد الحاج الدلائي كان الدريدي هذا في عسكره فلما فشلت ريح أهل الدلاء بالمغرب نزع عنهم واستبد بفاس الجديد وحالف أهل فاس القديم على حرب الدلائيين ثالث جمادى الثانية سنة أربع وسبعين وألف وقد كان أحمد بن صالح الليريني رئيس أهل عدوة الأندلس قد خطب ابنة الدريدي لولده صالح بن أحمد فزوجه إياها والتحم