@ 169 @ $ بقية أخبار السلطان المولى سليمان رحمه الله ومآثره وسيرته $ .
لما بويع أمير المؤمنين المولى سليمان رحمه الله رد الفروع إلى أصولها وأجرى الخلافة على قوانينها بإقامة العدل والرفق بالرعية والضعفاء والمساكين ومن وفور عقله وعدله إسقاط المكوس التي كانت موظفة على حواضر المغرب في الأبواب والأسواق وعلى السلع والغلل وعلى الجلد وعشبة الدخان فقد كان يقبض في ذلك أيام والده رحمه الله خمسمائة ألف مثقال معلومة مثبتة في الدفاتر مبيعة في ذمم عمال البلدان وقواد القبائل كل مدينة وما عليها ومن ذلك المكس كان صائر العسكر في الكسوة والسروج والسلاح والعدة والإقامة والخياطة والتنافيذ لوفود القبائل والعفاة والمؤنة للعسكر ولدور السلطان وسائر تعلقاته فكان ذلك المكس كافيا لصوائر الدولة كلها ولا يدخل بيت المال إلا مال المراسي وأعشار القبائل وزكواتهم وكان مستفاد هذا المكس يعادل مال المراسي وأعشار القبائل فزهد فيه هذا السلطان العادل فعوضه الله أكثر منه من الحلال المحض الذي هو الزكوات والأعشار من القبائل وزكوات أموال التجار والعشر المأخوذ من تجار النصارى وأهل الذمة بالمراسي وأما المسلمون فقد منعهم من التجارة بأرض العدو لئلا يؤدي ذلك إلى تعشير ما بأيديهم أو المشاجرة مع الأجناس هكذا بلغنا والله أعلم .
وكانت القبائل في دولته قد تمولت ونمت مواشيها وكثرت الخيرات لديها من عدله وحسن سيرته فصارت القبيلة التي كانت تعطي عشرة آلاف مثقال مضاربة أيام والده يستخرج منها على النصاب الشرعي عشرون وثلاثون ألف مثقال وذلك من توفيق الله له وتمسكه بالعدل والحلم والجود والحياء وجميل الصبر وحسن السياسة والتأني في الأمور واجتنابه لما هو بضد ذلك .
فأما الحلم فهو دأبه وطبعه وقد اتفق أهل عصره على أنه كان أحلم الناس في زمانه وأملك لنفسه عند الغضب من أن يقع في الخطأ ومذهبه