ـ(178)ـ
وأسفرت، أي كشفت عن وجهها بمعنى رفع النقاب. وأسفر الصبح إذا بدا وطلع الفجر.
والفسر والتفسير ـ مجردا ومزيداً فيه ـ كلاهما بمعنى الكشف والإبانة، متعديان إلى المفعول به. غير أن في التفعيل مبالغة ليست في المجرد. نظير الكشف والاكتشاف، فهما متعديان إلى المفعول به، يقال: كشفه واكتشفه، بمعنى واحد، غير أن في الافتعال مبالغة وصرف جهد لم يكن في الثلاثي. فمطلق الكشف عن الشيء لا يقال له الاكتشاف إلاّ إذا كانت في كشفه وإظهاره مزيد عناية وبذلك جهد كثير.. وهكذا الفرق بين الفسر والتفسير، لا يكون تفسيراً إذا لم يكن هناك عناء وبذل جهد في رفع الإبهام عن وجه الآية، وإلا فمجرد ترجمة الألفاظ أو تبديلها بنظائرها في إفادة المعنى، لا يكون تفسيراً.
ومن ثم كان التفسير ـ في المصطلح ـ هو: بذل الجهد في رفع الإبهام عن اللفظ المشكل. فلابد هناك أشكال في اللفظ قد أوجب إبهاماً في المعنى، فيبذل المفسر عنايته برفع ذلك الإبهام ودفع الأشكال، حسبما أوتي من حول وقوة وما تهيأ له من أدوات التفسير وأسبابه.
والتفسير ـ في ماهيته ـ على نوعين: أثري ونظري.
ويعني الأول: التفسير بما ورد من آثار الأقدمين من أقوال وآراء حول تبيين الآيات الكريمة، في مثل أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وأقوال صحابته المرضيين وآراء التابعين لهم بإحسان. مضافاً إليها ما ورد من روايات أهل بيته الطاهرين. وهذا ما يسمى بالتفسير بالمأثور أو التفسير النقلي.
وهذا قد يكتفى بذكر الأثر مجرداً عن أي نقد أو بيان، كما دأب عليه جلال الدين السيوطي في تفسيره الدر المنثور. والسيد هاشم البحراني في البرهان والعروسي الحويزي في تفسيره نور الثقلين.
والآخر ما يصحبه البيان والنقد أحياناً، كما نجده في تفسير جامع البيان للطبري وتفسير