/ صفحه 157/
وما يخرج به عن الامارة، وما يجب عليه نحو الأمة، وعلى الأمة نحوه، ثم عن الوزارة وأنواعها، والولاية وأقسامها، والقضاء وشروطه، والخراج والجزية والدواوين ونظامها، ويعرض لذلك كله من الناحية الفقهية في حدود مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه. يقول أبو الحسن الماوردي في مقدمة كتابه عن الأسباب التي دعته إلى وضع مؤلفه (لما كانت الأحكام بولاة الامر أحق، وكان امتزاجها بجميع الأحكام يقطعهم عن تصفحها مع تشاغلهم بالسياسة والتدبير أفردت لها كتابا امتثلت فيه أمر من لزمت طاعته، ليعلم مذاهب الفقهاء فيما له منها فيستوفيه، وما عليه منها فيوفيه، توخياً للعدل في تنفيذه وقضائه، وتحرياً للنصفة في أخذه وعطائه).
وظهرت كذلك كتب أخرى نذكر منها (آراء أهل المدينة الفاضلة) وفيه يتحدث صاحبه الفارابي عن الاجتماع والتعاون وعن نشأة القرى والمدن، وعن الفرق بين أهل المجتمع الصالح وأهل المجتمع الضال وعن خلال الحاكم وواجباته، وبعده ظهرت (رسائل إخوان الصفا) وفيها مباحث عن بعض الموضوعات السياسية كالحكمة من الملك، وكالإمامة وشروطها وأحكامها، وكالرياسات على الجماعات المختلفة وغير ذلك.
وفي كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) يتحدث مؤلفه الطقطقي عن واجبات الملك وعن حقوقه وعن أسباب ضعف الدول الإسلامية التي تقدمت عصره وسقوطها، وعن سياسة الملك نحو مختلف الطبقات وعن خطر الانغماس في الشهوات. وهو في أبحاثه يخرج عن النطاق الفقهي فيعتمد على الوقائع والحوادث التاريخية لتأييد آرائه وأفكاره.
وأخيراً جاء المؤرخ الكبير عبد الرحمن بن خلدون المغربي المتوفي في مصر في أوائل القرن التاسع الهجري ومهد لبحوثه التاريخية بتلك المقدمة الشهيرة التي ضمنها ما ادى إليه اجتهاده من دراسات هي في نظره علم مستقل بنفسه مستحدث