/ صفحه 7 /
تلك حال المسلمين اليوم، وإن داءهم لقديم منذ تدابروا وتقاطعوا وصاروا شيعاً. كل حزب بما لديهم فرحون، ولا صلاح لهم، ولا شفاء من دائهم، إلا بأن يعودوا كما بدأهم الله أمة واحدة لا فرق بين شعوبهم، ولا تناحر بين طوائفهم، ولا جهالة تصور الشيعي للسني، أو السني للشيعي، عدوا يظن به الظنون ويخافه على دينه وعقيدتة، ويتحفظ فيما يقرأ له من كتاب، أو ينقل عنه من رأي.
إن أصول الإسلام واحدة، فكل المسلمين يؤمنون بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين، وكلهم يعتقدون أن القرآن حق وأن رسالة محمد حق وأن عليهم إذا تنازعوا في شئ أن يردوه إلى الله ورسوله، وقبلتهم واحدة، وصلواتهم واحدة، ولا خلاف بينهم فيما بنى عليه الإسلام من أسس، فما بالهم يعيرون ما وراء هذه الأصول اهتماماً، ويخوضون فيه خوضا، ويعولون عليه تعويلاً، حتى يلتحق بالأصول وما هو منها في شئ، ويتخذ مقياساً للكفر والإيمان، أو الإثم والبراءة، وهو عن ذلك بمنأى ومعزل ؟
إن المسلمين في ضعف لأنهم في تفرق، وهم في تفرق لأنهم متقاطعون يجهل بعضهم ما عند بعض. ومن جهل شيئاً عاداه، ولو أنهم تقاربوا لتفاهموا، وقد يزول بتفاهمهم كثير من أسباب خلافهم، أو يحتفظ كل منهم برأيه فيما وراء العقيدة الإسلامية، على أن يعذر بعضهم بعضاً، ويحترم بعضهم بعضاً كما كان سلفهم الصالح من أئمة الدين والفقه يفعلون، وتلك هي مهمة (جماعة التقريب) إن تريد إلا تعريف المسلمين بعضهم إلى بعض، وجمعهم على أسس الدين الحق التي نزل بها القرآن وجاء بها الرسول، ودعوتهم إلى اطّراح أسباب الخلاف فيما لا طائل تحته، ولا فائدة تلتمس منه، وتمكينهم من درس ما يعن لهم في جوّ هادئ، لا يشوبه غبار التكفير والتأثيم والتظنن، فإذا فعلوا ـ وإنهم إن شاء الله لفاعلون ـ فقد استقاموا على الطريقة، وهيئوا أنفسهم لمستقبل كريم، ومقام حسن، في هذا المعترك العالمي، يعينهم على أن يكونوا دعاة بر وإصلاح !
إن سياسة الدول والأمم في العالم اليوم قائمة على التكتل والتحالف والانضواء في مجموعات متعاونة يسند بعضها بعضا، ويدفع بعضها عن بعض، وأنهم ليلتمسون