/ صفحة 110 /
ومن أقلت منهم عاش في أكفان الفقر والمرض، يتقلب في جحيم من الفوضى والاضطراب والخوف، إذا أمسى لم يرج الصباح، وإذا أصبح لم يرج المساء.
ان عبر الايام ودروس الاحداث يجب أن تزيدنا ايمانا بأن الحق ما لم يكن له سناد من القوة فهو يتيم لطيم، وأن اللغة الوحيدة التي يفهمها الغاصبون هي لغة الباب والظفر، فان لم نصح بها عليهم، أرجفوا بها علينا، وقد قال ربنا في محكم تنزيله "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرن من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم".
وقد حسبنا حيناً أن محاربيناهم أولئك الشراذم من نفايات الشعوب والبلاد الأوربية فما بيننا وبين ردهم عن بلادنا الا جولة وجولان، ولكنا أخطأنا الحساب، فلم نلبث أن التقينا في ميدان الجهاد بجويش الغدر والختل والبذالة يجردها علينا أهل الغرب، وقوم منا خرجوا فينا فلم يزيدونا الا خبالا وأوضعوا خلالنا، افبقيت "إسرائيل" قذى في العيون، وشجى في الخلوق، وبقينا نحن نتلاوم ونتجادل ويقذف بعضنا بعضا بالظنة وقالة السوء.
ولكن لا ضير إذا انتفعنا بالعبرة، فهل نعتبر؟
المملكة الليبية:
قامت في ليبيا مملكة جديدة متحدة أعلنها حضرة صابح الجلالة الملك محمد ادريس السنوسي الأول، فقابلها المسلمون بالتحريب والاغتباط، ورجوا لها النجاح والتوفيق في تخليص هذه البلاد الشقيقة من آثار الاستعمار البغيض، وإذا كان قيام دولة وملك، مما يقابل بالغطبة والتهنئة، فان الغبطة العظمى والتهنئة الصادقة، إنما يكونان بحق حين تبدو هذه الدولة قوية مؤمنة بنفسها، مدركة تمام الادراك لما تكون به العزة والمنعة، مهتدية بالعبر التاريخية البعيدة والقريبة، يحرص رجالها أشد الحرص على أن يرسوا عمدها، ويؤسسوا بنيانها على تقوى من الله ورضوان.
هذا هو ما تغبط عليه الدول، ويهنأ به الملوك والرجال، وهذا هو الظن يمليك ليبيا المجاهد، ورجالها الأقوياء، فالى الامام وعلى بركة الله.