/ صفحة 228 /
أفكارهم، فما عليهم من بأس بعد ذلك أن يختلفوا، وأن يكون لكل منهم ملامح شخصيته، ومقومات فرديته.
فليذهب السني مذهبه، وليذهب الشيعي مذهبه، بل ليذهب كل منهما مذاهبه فهي فروع والشجرة واحدة، وليؤمنوا جميعاً بأنهم إخوة تجمعهم في النسب العلمي الفكري أبوة، وتجري في] أعراقهم دماء مشتركة زكية.
ومن فضل الله على (جماعة التقريب) أنها استطاعت في زمن وجيز أن تقنع المسلمين عملياً بهذه الحقيقة، وأن توطد (الأخوة العلمية) بين علماءهم توطيداً راسخاً على أساس سليم من الأبوة الأولى التي] يشتركون فيها، ويجرون على مقتضيات الانتساب إليها، ولا يبغونها عوجاً، ولا يبغون بها بدلاً.
ومن آيات ذلك: ما نراه في الحين بعد الحين بين علماء الإسلام في مصر وإيران واليمن والعراق والشام وغيرها ـ لا سيما بين شيخي السنة والشيعة، الإمامين الجليلين الشيخ عبد المجيد سليم والحاج حسين آقا بروجردي ـ من تبادل الرسائل والمشاورات في شئون المسلمين، على بعد الشقة واختلاف المذهب والأنصار والأشياع.
والسيدان الجليلان ومن يحذو حذوهما من زعماء الفكر وأرباب التوجيه يضربون بذلك المثل الصالح لما ينبغي أن يكون عليه أهل العلم من الأخوة الصافية الصادقة، وإن اختلفت مناهج التفكير ووجهات النظر، فإن الأصول التي] تقوم عليها الشريعة المحمدية واحدة، والمنابع التي] يستمد منها أهل المذاهب جميعاً مشتركة، وذلك كاف في تحقيق هذه الأخوة وتبادل مقتضياتها من التعاون على تحقيق مصلحة الأسرة الكبرى، وما أسرتنا الكبرى إلا الإسلام في مختلف شعوب الإسلام.
وقد علمَت (دار التقريب) أن مظهراً كريماً من مظاهر (الأخوة العلمية) يوشك: أن يبدو للناس، وما نريد أن نسبق الحوادث فنعلن عما سيكون قبل أن يكون، فلنتظر ما يأتي به الله غداً، وإن غداً لناظره قريب.