/ صفحة 230 /
فيها، ولا بد مع هذا وذاك من تقوية العنصر الروحي] في قلوب أبنائها، حتى يتحقق فيما بينهم التضامن والتعاون على السير بالأمة في ظل تشريعها القوى العادل، في سبيل الخير والفلاح، والعزة والمنعة.
وقلنا: إن سورة النساء قد تكفلت بوضع كثير من الأحكام التي تصلح بها هذه النواحي.
وقد عرضنا فيما سبق إلى موضوعات: الأسرة، والمال، ومصادر التشريع، والعنصر الروحي، وألوان من التمرد على التشريع، إلى آخر ما وفقنا الله إلى فهمه واستنباطه من آيات سورة النساء، وهذه آية من آياتها الكريمة، التي عرضت لأساس الاستقرار الخارجي، وقد سبحت السورة في هذا الجانب سبحاً طويلاً، يبتدئ من آيتنا رقم 71 حتى الآية 104.
نداءات إلهية باعتبارت مختلفة:
وقد بدئت الآية بنداء المؤمنين، وقد اشتملت سورة النساء على جملة من النداءات الإلهية، نودي الناس جميعاً بثلاثة منها، ونودي أهل الكتاب بأثنين منها، ونودي المؤمنون بتسعة منها، ونحب أن نضع هذه النداءات جميعها أمام قارئ (رسالة الإسلام) مع تعليق وجيز على كل نداء منها لتكون بيده أشبه بقوانين كلية، له أن يستنبط منها ما تحتاج إليه الأمة من وسائل تنظيمها في أهم شئونها.
وإن من يقرأ هذه النداءات، ويفقه الأحكام التي تضمنتها يجد أن النداء في كل آية من هذه الآيات قد اختير له وصف من شأنه أن يبعث المخاطبين على الامتثال، ويغرس في نفوسهم المعاني الإنسانية والدينية التي تحفزهم على العمل بما فيها من أحكام، والدعوة إليها، وتحول بينهم وبين الإعراض عنها، أو التهاون في شأنها، وتلفت أنظارهم إلى أن التهاون فيها لا يتفق في نظر العقل والحكمة، والحقيقة الواقعة، التي يعترفون بها في أنفسهم، ويعرفها الناس عنهم من جهة الاتصاف بهذا الوصف.