/ صفحة 386/
وقوله:
الاشتراكبون أنت امامهم *** لو لا دعاوى القوم والغلواء
داويت متئداً، وداووا طفرة *** وأخف من بعض الدواء الداء
قال لك: انه للمسلمين، ولا يكون الشعر شعراً الا إذا كان تأثيره عاما!
* * *
ينادى بذلك أكثر المثقفين ثقافة مدنية، ويسير في ركابهم فينادى به من يتلقون أدبهم عن ((مصاطب)) المقاهي وكتاب الصحف، تقليداً وازراء بالادب العربى، أدب الضعفاء والمتأخرين!
وإذا أهملنا هؤلاء المقلدين لأن خطأهم وصوابهم غير مقصودين; فانه لامحيص لنا عن أن ننادى بأن وصف المدائح العربية جملة بأنها من شعر المناسبات خطأ صراح، منشؤه تطبيق أصول النقد الغربى على الادب العربى; مع أن الادب - دائماً - يتبع الذوق الخاص، ولكل ذوق معاييره واتجاهاته، وغاية ما يعاب به شعر المدائح العربية أنه: شعر تكسب; والتكسب بالشعر لا يعيب الشاعر فنيّا; وإنّما يعيبه من ناحية الاخلاق والكرامة الشخصية، وموضوع حكومة الناقد، أدب الاديب لا أخلاقه، والا لضربنا بأكثر الاشعار عرض الحائط، لأن أصحابها من فاسدى الاخلاق.
قد يرى نقاد الغرب أن أدب التكسب عندهم لايسمى أدباً، أو أنه أدب ضعيف، أو أدب مناسبات; فهذا شأنهم لا ننازعهم اياه، ولكن ليس لهم أن يحكموا على أدبنا بما يحكمون به على آدابهم، لأن الشرق شرق، والغرب غرب، وهما لايجتمعان على الادب بحال; ولست أعرف ما العاطفة التي يجب أن يصدر عنها الشعر عند أدباء الغرب، ولكنى أعرف أن الناقد العربى يقول: قواعد الشعر اربع: الرغبة، والرهبة، والطرب، والغضب.
فمع الرغبة يكون المدح والشكر. ومع الرهبة يكون الاعتذار والاستعطاف، ومع الطرب يكون الشوق ورقة النسب، ومع الغضب يكون الهجاء والتوعد والعتاب الموجع