/ صفحه 4/
إن الله سبحانه وتعالى علم المؤمنين فيما علمهم من دعاء أن يقولوا: ((ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا)) والمؤمن يكون فتنة لغيره إذا كان على نوع من الحياة أو السلوك فيها يُتَّخَذ دليلا على أنه لم يُفد من إيمانه، ولم تنعكس به أضواء ساطعة على قلبه، ولا أعمال نافعة على جوارحه، فيقول الكافر: ما بال هذا لم يصلحه إيمانه، ولم تنفعه عقيدته وشريعته؟ وقد أتى على المسلمين حينٌ من الدهر كانوا فتنة للذين كفروا: رأوهم ضعفاء فقالوا لم ضعفوا وقد زعموا أن دينهم دين القوة، ورأوهم أذلة فقالوا لم ذلوا وقد زعموا أن دينهم دين العزة، ورأوهم متقاطعين متدابرين، فقالوا هذه حالهم على دينهم، فكيف يدعوننا به، ويهدوننا إليه؟.
ولقد سرى هذا الروح إلى بعض المسلمين، فظنوا أن عقائدهم وأحكام دينهم ربما كانت هي السرَّ في شقائهم، فلم يعودوا يتحمسون للإسلام، أو يغارون على مبادئه وأخلاقه، بل أصبحوا يجادلون فيها، ويحاولون زلزلة الناس عنها، وهكذا فتنوا، ثم افتتنوا.
إن ((رسالة الاسلام، هي دعوة لإصلاح المسلمين في هذا الشأن وفي أمثاله:
تناشدهم ألا يكونوا فتنة للذين كفروا، بضعفهم وتخاذلهم وانصرافهم عن دينهم وجهلهم تعاليم شريعتهم، تريدهم قادة للعالم، مصلحين فيه، وتالله لن يكونوا مصلحين إلا إذا كانوا في أنفسهم صالحين.
إن عهدنا الى أمتنا فيما نستقبل من أمرنا هو منهاجنا الذي عرفوه في ماضينا: إيمان لا يعرف الشك، ودعوة الى الله لا تعتز إلى بالله، وحربٌ عوانٌ على التعصب حتى يبرأ منه المسلمون.