/ صفحه 318/
ثم أشارت الآية إلى الغاية التي ترجى من الصوم فقالت: ((لعلكم تتقون))، وهو تبرير جديد يضاف إلى ما سبق، وبيانه أن الصوم من شأنه أن يعوّد الناس عادة المراقبة وحجز النفس عن شهواتها، وذلك هو مبدأ ((التقوى)) وغرس خلق الضمير الحي الذي من شأنه أن يجعل صاحبه يحاسب نفسه على كل صغيرة وكبيرة.
ويمكننا أن نكتفى بهذا القدر من تفصيل ما جاءت به الآية من المبررات والحكم وإثارة الرغبة إلى القبول والتشجيع عليه، ونشير إلى ما جاء بعد ذلك من قوله تعالى: ((أياما معدودات)) لإفادة أنها فترة قليلة من السهل تحمل المشقة فيها، ومن قوله تعالى: ((فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر)) ثم من قوله: ((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)) ثم من قوله:((وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)) ثم من قوله: ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)) إشعارا بفضل هذا الشهر، وأن من أهداف الإسلام من تقرير صومه على المؤمنين، ربط قلوبهم بذكرى أعظم أساس قام عليه دينهم، وهو كتاب الله، ثم من قوله: ((يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة، ولتكبروا الله على ما هداكم، ولعلكم تشكرون)).
فكل هذا ساقه القرآن الكريم في آيات الصوم الذي هو تضحية واحتمال، ليحيط هذا التشريع بكل ما من شأنه أن يبعث النفوس إلى تقبله، ويظهر المكلفين على حكمه وغاياته، وذلك من رحمةالله تعالى ولطفه، ولو شاء لأمر بما شاء باسم الألوهية منه، والعبودية منهم، دون تعليل أو تفصيل.
* * *
هذا ولو ذهبنا نستقريء التعليلات التي ذكرها القرآن الكريم للأحكام لطال بنا هذا الاستقراء: ويكفي أن نضم إلى ما ذكرناه من الأمثلة مفصلا، أمثلة أخرى نكتفي فيها بالإشارة:
فمن ذلك قوله تعالى في سياق ما أحل وما حرم من الطعام ومن غيره: ((قل لايستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث)) جملة على اختصارها بديعة الفوائد، نفهم أن الله - جلت حكمته- لا يحلل ما يحلل، ولا يحرم ما يحرم،