/ صفحه 310/
وإذا كنت في الحكم على الكلمات والأساليب المريبة، وفي تقرير مصيرها ـ لا أرتضى بالنظر القريب ولا أرى الاكفتاء بالبحث المعجل، فلست أغني بهذا أن نبقي عليها، ونمضي في استعمالها، حتى يستبين الرأي الأخير فيها. كلا، ولكن الذي أعنيه أن نتركها، ونتواصي باستعال بديل منها، ولكن دون قطع بتخطئتها، ليظل باب البحث في أمرها مفتوحا، ولا سيما الكلمات الشائعة الاستعمال، القديمة العهد، فالمتوقع أنها ما جاءت على هذه الصفة من الشوع عفواً، ولا سكت عنها النقاد منذ عرفت قضاء وقدراً.
وأعتقد على كل حال أن قد آل لنا أن ندع هذا اللون من النقد للكفاة القادرين عليه، من المنقطعين للغة والمتخصصين في علومها، يمارسونه وحدهم، كما يمارس كل متخصص ما تخصص فيه، دون مشاركة من غير المتخصصين.
ونأمل أن يتبدل هؤلاء السادة في نقدهم خطة غير الخطة، ويستنّون على علاج مسائله سنة أخرى جديدة، قوامها البحث العميق، والتتبع المستوعب، والعرض الحصيف المتحرج؛ لئلا يجئ الرأي كما يغلب أن يجيء الآن، فطيراً معجلا، أو ناقصاً مبتوراً، أو حاسماً مستأصلا، يقطع من دونه الطريق، ويغلق الأبواب.
ويقتضيني الإنصاف في هذا المقام، أن أنوه بالمنهج الذي ينهجه مجمع اللغة العربية في كل ما يدرس من مسائل، أو يحقق من مشكلات، أو يتخذ من قرارات. فإنه المنهج الذي يتميز بالحكمة والاتزان، ويتسم بالحيطة والحذر، وليس هذا بعجيب منه، ولا هو بالكثير عليه، فما من رجاله إلا عالم راسخ، أو باحث محقق، أو أديب كبير. زادهم الله إيماناً وتثبيتاً، وتولاهم أبداً بالهداية والتوفيق.