ـ(19)ـ
المدني رحمهما الله طليعة هذا التسامح الجميل.. فكل مجتهد مأجور أخطأ أم أصاب، وإطفاء نار الفتنة في جميع الخلافات المذهبية لابد منه ودائرة الإسلام الرحبة ينبغي أن تشمل الجميع، بيد أن هناك أمرا آخر يتجاوز الفروع إلى الأصول والتنبيه إليه مطلوب لحماية أمتنا ورسالتنا لقد ظهرت تجمعات كما تكونت سلطات تقوم على العلمانية والقومية وتتجهم للدين وتراثه وقيمه.
وقد رأيت الشيوعيين القدماء يختبئون في هذه القيادات الجديدة، ويصارحون بأن رفع مستوى الشعوب أهم من أحياء الشريعة وأن السير في موكب الحضارة الغربية أجدى من أحياء التراث الإسلامي.
وعند التأمل وجدت أن حكومة السودان تحارب لأنها تنادي بإحياء الشريعة الإسلاميّة وأن حكومة إيران تحارب لأنها ترفض الارتداد الديني وتتمسك بالكتاب والسنة... وظاهر أن الغرب لا يوارب في عدائه للإسلام، ولا في مساندته للتيارات الإلحادية التي خلقها في بلادنا.. والأوضاع الجديدة التي تواجه المسلمين توجب علينا أن نحدد الأصول والفروع في ديننا، أي نحدد ما يمكن التسامح فيه وما لانقبل خلافاً عليه. أن هذا الموقف يغلق الطريق أمام الختل والخداع والمناورات الخيبثة...
في هذا العصر يوجد من يريد الحديث عن الإسلام وهو لم يدخل مسجداً ولم يقدم لله شيئاً، ويوجد من يصارح بطرح الفقه الإسلامي كله ومع ذلك يقول إنه مسلم ويتهمك بالخروج على الإسلام وأرى أن الأوان قد آن لعقد هدنة عامة في ميدان الفقه الفرعي، وعقد تحالف مشترك للدفاع عن أصولنا الفقهية في ميادين التربية والأخلاق والفقه الجنائي والدولي والدستوري.. إنّ حضارة الغرب تكره الله، وتنفر من الحديث عنه وعن لقائه في يوم جزاء، كما تكره ربط القانون بمواريث الدين إجمالاً.. وهي تتظاهر بأنها تجافي الأديان جملة، وهذا كذب فهي ناشطة في محاربة الإسلام وحده، أقامت هيئة الأمم دولة لليهود على أنقاض العرب المسلمين، كما أن النشاط الاستعماري العالمي يقوم على نشر المسيحية ! أن التهديد يتجه للإسلام وأمته ونهضته، وإذا لم نستيقظ على عجل هلكنا.