وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي حديث مسلم " شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها " وروى الطبراني " شر الطعام طعام الوليمة يدعى إليه الشبعان ويحبس عنه الجائع " .
وإن كان المراد من الإنسان واحدا معينا جاز أن يكون المعنى على نحو ما تقدم وجاز أن يكون ذما له باللؤم والتفاخر الكاذب وفضحا له بأنه لم يسبق منه عمل نافع لقومه قبل الإسلام فلم يغرم غرامة في فكاك أسير أو مأخوذ بدم أو من بحرية على عبد .
وأيا ما كان فليس في الآية دلالة على أن الله كلف المشركين بهذه القرب ولا أنه عاقبهم على تركهم هذه القربات حتى تفرض فيه مسألة خطاب الكفار بفروع الشريعة وهي مسألة قليلة الجدوى وفرضها هنا أقل إجداء .
وجملة ( ثم كان من الذين آمنوا ) عطف على جملة ( فلا اقتحم العقبة ) .
و ( ثم ) للتراخي الرتبي فتدل على أن مضمون الجملة المعطوفة بها أرقى رتبة في الغرض المسوق له الكلام من مضمون الكلام المعطوف عليه فيصير تقدير الكلام : فلا اقتحم العقبة بفك رقبة أو إطعام بعد كونه مؤمنا . وفي فعل ( كان ) أشعار بأن إيمانه سابق على اقتحام العقبة المطلوبة فيه بطريقة التوبيخ على انتفائها عنه .
فعطف ( ثم كان من الذين آمنوا ) على الجمل المسوقة للتوبيخ والذم يفيد أن هذا الصنف من الناس أو هذا الإنسان المعين لم يكن من المؤمنين وأنه ملوم على ما فرط فيه لانتفاء إيمانه وأنه لو فعل شيئا من هذه الأعمال الحسنة ولم يكن من الذين آمنوا ما نفعه عمله شيئا لأنه قد انتفى عنه الحظ الأعظم من الصالحات كما دلت عليه ( ثم ) من التراخي الرتبي فهو مؤذن بأنه شرط في الاعتداد بالأعمال .
وعن عائشة " أنها قالت : يا رسول الله إن أبن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم الطعام ويفك العاني ويعتق الرقاب ويحمل على إبله لله " أي يريد التقرب " فهل ينفعه ذلك شيئا قال " لا إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " . ويفهم من الآية بمفهوم صفة الذين آمنوا أنه لو عمل هذه القرب في الجاهلية وآمن بالله حين جاء الإسلام لكان عمله ذلك محمودا .
ومن يجعل ( ثم ) مفيدة للتراخي في الزمان يجعل المعنى : لا اقتحم العقبة واتبعها بالإيمان . أي اقتحم العقبة في الجاهلية وأسلم لما جاء الإسلام .
وقد جاء ذلك صريحا في حديث حكيم بن حزام في الصحيح ( قال قلت : يا رسول الله أرأيت أشياء كنت اتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة وصلة رحم فهل فيها من أجر فقال لي النبي : ( أسلمت على ما سلف من خير ) والتحدث : التعبد يعني أن دخوله في الإسلام أفاد إعطاء ثواب على أعماله كأنه عملها في الإسلام .
وقال ( من الذين آمنوا ) دون أن يقول : ثم كان مؤمنا لأن كونه من الذين آمنوا أدل على ثبوت الإيمان من الوصف بمؤمن لأن صفة الجماعة أقوى من أجل كثرة الموصوفين بها فإن كثرة الخير خير كما تقدم في قوله تعالى ( قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) في سورة البقرة ثم في هذه الآية تقوية أخرى للوصف وهو جعله بالموصول المشعر بأنهم عرفوا بالإيمان بين الفرق .
وحذف متعلق ( آمنوا ) للعلم به أي آمنوا بالله وحده وبرسوله محمد A ودين الإسلام . فجعل الفعل كالمستغني عن المتعلق .
وأيضا ليتأتى من ذكر الذين آمنوا تخلص إلى الثناء عليهم بقوله ( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ) ولبشارتهم بأنهم أصحاب الميمنة .
وخص بالذكر من أوصاف المؤمنين تواصيهم بالصبر وتواصيهم بالمرحمة لأن ذلك أشرف صفاتهم بعد الإيمان فإن الصبر ملاك الأعمال الصالحة كلها لأنها لا تخلو من كبح الشهوة النفسانية وذلك من الصبر .
A E والمرحمة ملاك صلاح الجامعة الإسلامية قال تعالى ( رحماء بينهم ) .
والتواصي بالرحمة فضيلة عظيمة وهو أيضا كناية عن اتصافهم بالمرحمة لأن من يوصي بالمرحمة هو الذي عرف قدرها وفضلها فهو يفعلها قبل أن يوصي بها كما تقدم في قوله تعالى ( ولا تحضون على طعام المسكين ) .
وفيه تعريض بأن أهل الشرك ليسوا من أهل الصبر ولا من أهل المرحمة وقد صرح في ذلك في قوله تعالى ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ) إلى قوله ( وما يلقاها إلا الذين صبروا ) وقوله ( بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون على طعام المسكين )