وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 284 /
فهو اذن في حاجة إلى موجه آخر لنفسية الفرد نحو لمثل العليا، ونحو غاية سامية فوق المصالح المتبادلة بين الافراد هو في حاجة إلى ما يقوى علاقة الفرد بغيره تقوية ناشئة عن شعور نفسي داخل فيه، هو في حاجة إلى ما يصقل الفرد ويهذبه ويكون عنده "الضمير العام" أو ما يسمى بالضمير الإنساني، هو في حاجة إلى عامل آخر غيره، يحد من فردية الفرد ويخفف من أنانيته.
ولهذا لا يدعى المقننون في الأمم الحديثة الاكتفاء بالقانون في توجيه الدولة أو الأمة كجماعة مكونة من أفراد، بل طلبوا عونا أجنبياً عنه، طلبوا عون "التهذيب" ثم رأوا في الدين أكمل نوع منه، رأوا فيه ما ينمى طبيعة الخير في الفرد أوينشئها فيه ورأوفينه ما يكون عنده الفضائل الفردية والجماعية، وما يرسم له طريق الحد من أنانيته، ثم رأوا أخيراً فيه أنجع وسيلة لتعليم الطاعة للقانون والخضوع للنظام العام عن طمأنينة ورضا.
ففي انكلترا يكون الدين أهم العناصر في تقاليدهم، وتربيتهم قائمة على المحافظة على هذه التقاليد والاستمرار في مراعاتها في السلوك الفردي والجماعي.
وفي ألمانيا يلعب التهذيب الديني دوراً رئيسياً في مرحلة التعليم العام إلى سن الرابعة عشرة، حتى النازية كانت لا تغفل عنصر الدين كمصدر مهم في تعويد الناشئة الطاعة للدولة.
القانون بطبيعته ليس له اكتفاء ذاتى في التوجيه، وهو بحاجة إلى عامل آخر لضمان سلامة التوجيه ونجاح القانون نفسه في مهمته. وهذا العامل الآخر لم يره القانون الا في الدين.
وليس نجاح القانون اذن في كثرة دور المحاكم، وكثرة رجال القضاء، وكثرة احداث التشريعات الجديدة المختلفة، بل نجاحه أولا في مراعاة خصائص الجماعة، وثانياً في الاستعانة بالتهذيب، إذ كلما كان معبراً عن خصائصها كان أقرب إلى نفسية الافراد وكلما كان أقرب إلى نفسية الافراد كلما قلت مخالفتهم له، وعلى قدر استعانة الدولة بالدين (كمصدر لنهذيب الفرد ـ بجانب القانون تكون طاعة الشعب للدولة وللقانون.