الضمير في " به " للقرآن . وكان رسول الله A إذا لقن الوحي نازع جبريل القرءاة ولم يصبر إلى أن يتمها مسارعة إلى الحفظ وخوفا من أن يتفلت منه فأمر بأن يستنصت له ملقيا إليه بقلبه وسمعه حتى يقضى إليه وحيه ثم يقفيه بالدراسة إلى أن يرسخ فيهز والمعنى : لا تحرك لسانك بقراءة الوحي ما دام جبريل صلوات الله عليه يقرأ " لتعجل به " لتأخذه على عجلة ولئلا يتفلت منك . ثم علل النهي عن العجلة بقوله " إن علينا جمعة " في صدرك وإثبات قراءته في لسانك " فإذا قراناه " جعل قراءة جبريل قراءته : والقرآن القراءة " فاتبع قرءانه " فكن مقفيا له فيه ولا تراسله وطأمن نفسك أنه لا يبقى غير محفوظ فنحن في ضمان تحفيظه " ثم إن علينا بيانه " إذا أشكل عليك شيء من معانيه كأنه كان يعجل في الحفظ والسؤال عن المعنى جميعا كما ترى بعض الحراص على العلم ؛ ونحوه " ولا تجعل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه " طه : 144 ، " كلا " ردع لرسول الله A عن عادة العجلة وإنكار لها عليه وحث على الأناة والتؤدة وقد بالغ في ذلك بإتباعه قوله : " بل تحبون العاجلة " كأنه قال : بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة " وتذرون الأخرة ط وقرئ بالياء وهو أبلغ فإن قلت : كيف اتصل قوله " لا تحرك به لسانك " إلى آخره بذكر القيامة ؟ قلت : اتصاله به من جهة هذا للتخلص منه إلى التوبيخ بحب العاجلة وترك الأهتمام بالآخرة . اوجه : عبارة عن الجملة والناضرة من نضرة التعيم " إلى ربها ناظرة " تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره وهذا معنى تقديم المفعلول ألا ترى إلى قوله : " إلى ربك يومئذ المستقر " القيامة : 12 ، " إلى ربك يومئذ المساق " " إلى الله تصير الأمور " الشوري : 53 ، " وإلى الله المصير " آل عمران : 28 ، " وإليه ترجعون " البقرة : 245 ، " عليه تولكت وإليه أنيب " هود : 88 ، كيف دل فيها التقديم على معنى الاختصاص ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ولا تدخل تحت العدد في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم فإن المؤمنين نظارة ذلك اليوم لأنهم الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظرا إليه : محال فوجب حمله على معنى يصح معه الاختصاص والذي يصح معه أن يكون من قول الناس : أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي تريد معنى التوقع والرجاء . ومنه قول القائل : .
وإذا نظرت إليك من ملك ... والبحر دونك زدتني نعما .
وسمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق لناس أبوابهم ويأوون إلى مقائلهم تقول : عيينتي نو يظرة إلى الله وإليكم والمعنى : أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجون إلا إياه والباسر : الشديد العبوس والباسل : أشد منه ولكنه غلب في الشجاع إذا اشتد كلوحه " تظن " تتوقع أن يفعل بها فعل هو في شدته وفظاعته " فاقرة " داهية تقصم فقار الظهر كما توقعت الوجوه الناضرة أن يفعل بها كل خير .
" كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق " " كلا " ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة كأنه قيل : ارتدعوا عن ذلك وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين . والضمير في " بلغت " للنفس وإن لم يجر لها ذكر لأن الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها كما قال حاتم : .
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر