سمعت رسول الله A يقول على المنبر : " ألا إن القوة الرمي " قالها ثلاثا . ومات عقبة عن سبعين قوسا في سبيل الله . وعن عكرمة : هي الحصون والرباط : اسم للخيل التي تربط في سبيل الله . ويجوز أن يسمى بالرباط الذي هو بمعنى المرابطة ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال وقرأ الحسن ومن ربط الخيل بضم الباء وسكونها جمع رباط . ويجوز أن يكون قوله : " ومن رباط الخيل " تخصيصا للخيل من بين ما يتقوى به كقوله : " وجبريل وميكال " البقرة : 98 ، وعن ابن سيرين C : أنه سئل عمن أوصى بثلثماله في الحصون ؟ فقال : يشتري به الخيل فترابط في سبيل الله ويغزي عليها فقيل له : إنما أوصى في الحصون فقال : ألم تسمع قول الشاعر : .
أن الحصون الخيل لا مدر القرى .
" ترهبون " قرئ بالتخفيف والتشديد وقرأ ابن عباس ومجاهد Bهما تخزون والضمير في " به " راجع إلى ما استطعتم " عدو الله وعدوكم " هم أهل مكة " وآخرين من دونهما " هم اليهود وقيل : المنافقون وعن السدي : هم أهل فارس وقيل : كفرة الجن وجاء في الحديث : إن الشيطان لا يقرب صاحب فرس ولا دارا فيها فرس عتيق وروي : أن صهيل الخيل يرهب الجن .
" وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم " .
جنح له وإليه : إذا مال . والسلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب قال : .
السلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب يكفيك من أنفاسها جرع .
وقرئ بفتح السين وكسرها . وعن ابن عباس رضي الله عنه أن الآية منسوخة بقوله تعالى : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله " التوبة : 29 ، وعن مجاهد بقوله : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " التوبة : 5 ، والصحيح أن الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله من حرب أو سلم وليس يحتم أن يقاتلوا أبدا أو يجابوا إلى الهدنة أبدا وقرأ الأشهب العقيلي : فاجنح بضم النون " وتوكل على الله " ولا تخف من إبطانهم المكر في جنوحهم إلى السلم فإن الله كافيك وعاصمك من مكرهم وخديعتهم . قال مجاهد يريد قريظة .
" وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم ولو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم " .
" فإن حسبك الله " فإن محسبك الله : قال جرير : .
إني وجدت من مكارم حسبكم ... أن تلبسوا خز الثياب وتشبعوا .
" وألف بين قلوبهم " التأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول الله A من الآيات الباهرة لأن العرب لما فيهم من الحمية والعصبية والإنطواء على الضغينة في أدنى شيء وإلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا لا يكاد يأتلف منهم قلبان ثم ائتلفت قلوبهم على اتباع رسول الله A واتحدوا وأنشؤا يرمون عن قوس واحدة وذلك لما نظم الله من ألفتهم وجمع من كلمتهم وأحدث بينهم من التحاب والتواد وأماط عنهم من التباغض والتماقت وكلفهم من الحب في الله والبغض في الله ولا يقدر على ذلك إلا من يملك القلوب . فهو يقلبها كما شاء . ويصنع فيها ما أراد وقيل : هم الأوس والخزرج كان بينهم من الحروب والوقائع ما أهلك سادتهم ورؤسائهم ودق جماجمهم ولم يكن لبغضائهم أمد ومنتهى وبينهما التجاور الذي يهيج الضغائن ويديم التحاسد والتنافس وعادة كل طائفتين كانتا بهذه المثابة أن تتجنب هذه ما آثرته أختها وتكرهه وتنفر عنه فأنساهم الله تعالى ذلك كله حتى اتفقوا على الطاعة وتصافوا وصاروا أنصارا وعادوا أعوانا وما ذاك إلا بلطيف صنعه وبليغ قدرته .
" يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " .
" ومن اتبعك " الواو بمعنى مع وما بعده منصوب تقول : حسبك وزيدا درهم ولا تجر لأن عطف الظاهر المجرور على المكنى ممتنع قال : .
فحسبك والضحاك عضب مهند .
والمعنى : كفاك وكفى أتباعك من المؤمنين الله ناصرا أو يكون في محل الرفع : أي كفاك الله وكفاك المؤمنون وهذه الآية نزلت بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال وعن ابن عباس Bه نزلت في إسلام عمر رضي الله عنه وعن سعيد بن جبير : أنه أسلم مع النبي A ثلاثة وثلاثون رجلا وست نسوة ثم أسلم عمر فنزلت