فصل في الأوقات المكروهة .
مراده بالمكروهة ما يعلم المفسدة ليشمل أداء الفرض فيها فالكراهة هنا بالمعنى اللغوي ولا يخفى حسن تأخيرها عن الأوقات المستحبة قوله : لا يصح فيها شيء من الفرائض أداء وقضاء قوله : والواجبات التي لزمت في الذمة قبل دخولها كالوتر والنذر المطلق وركعتي الطواف وما أفسده من نفل شرع فيه في غير وقت مكروه وسجدة تلاوة تليت آيتها في غيره وفي البحر عن المحيط وسجدة السهو كسجدة التلاوة حتى لو دخل وقت الكراهة بعد السلام وعليه سهو فإنه لايسجد للسهو وسقط عنه لأنه وجب كاملا فلا يؤذي في الناقص وفي القنية سجدة الشكر تكره في يكره النفل فيه لا في غيره وفي المعراج وما يفعل عقب الصلاة من السجدة فمكروه إجماعا لأن العوام يعتقدون أنها واجبة أوسنة قوله : قدر رمح قدر به في الأصل وي الإيضاح حد الأول والثالث أن لا تحار العين في العين هو الصحيح والمراد بالثالث وقت الغروب قوله : والثاني عند استوائها وعلامته أن يمتنع الظل عن القصر ولا يأخذ في الطول فإذا صادف أنه شرع في ذلك الوقت بفرض قضاء أوقبله وقارن هذا الجزء اللطيف شيئا من الصلاة قبل القعود قدر التشهد فسدت قوله : وأن نقبر موتانا أي فيها قوله : وعند زوالها أي قرب زوالها وهو وقت الاستواء فالمعنى عند استوائها حتى يزول قوله : وحين تضيف للغروب معنى تضيف تميل وهو بالمثناة الفوقية والضاد المعجمة المفتوحتين وبالياء التحتية المشددة وأصله تتضيف حذفت إحدى لتاءين تخفيفا قوله : والمراد الخ وحمله أبو داود على المعنى الحقيقي والنهي ليس لنقصان في الوقت بل هو وقت كسائر الأوقات إنما النقص في أداء الأركان لإستلزام فعلها فيه التشبه بعبارة الكفار وليس هذا كترك واجب فيها فإنه لا يؤثر نقصا في الأركان ولا كالصلاة في أرض الغير لأن اتصال الفعل بالزمان أشد بخلاف المكان قوله : وقد فسر أي هذا المارد بالسنة والراوي واحد قوله : بطلت وعن أبي يوسف لا تبطل ولكن يصير حتى إذا ارتفعت الشمس أتم حموي عن كشف الأصول ذكره السيد وروي عن أبي يوسف ايضا جواز الفجر إذا لم يكن تأخيره إلى الطلوع قصدا قوله : وعلى أنها تنقلب نفلا الخ هو قول الإمام و أبي يوسف Bهما كما في البرهان قالوا : الصلاةعلى النبي A والدعاء والتسبيح في الأوقات المكروهة أفضل من قراءة القرآن ولعله لأن القراءة ركن الصلاة وهي مكروهة فالأولى ترك ما كان ركنا لها بحر قوله : مع الكراهة أي التحريمية لما عرف من أن النهي الظني الثبوت الغير المصروف عن مقتضاه يفيد كراهة التحريم كما في المنح وفي البحر عن التحفة الأفضل أن يصلي على جنازة حضرت في تلك الأوقات ولا يؤخرها بل في الإيضاح و التبيين التأخير مكروه لقوله A : [ ثلاث لا يؤخرن جنازة أتت ودين وجدت ما يقضيه وبكر وجد لها كفء ] قوله : في ظاهر الرواية لا كما ظنه بعضهم فنفاها قاله في الشرح : وقد عملت ما في البحر التحفة وما في الإيضاح و التبيين قوله : كجنازة الخ قال في البحر وظاهر التسوية بين صلاة الجنازة وسجدة التلاوة أنه لو حضر الجنازة في غير وقت مكروه فأخرها حتى صلى في الوقت المكروه فإنها لا تصح وتجب إعادتها كسجدة التلاوة وذكر الأسبيجابي أن صلاة الجنازة تجوز مع الكراهة ولا يعيدها بخلاف سجدة التلاوة قوله : ونافلة شرع فيها فإن أداءها واجب بسبب الشروع فيها قوله : فيقطع ويقضي في كامل ظاهره أنه على سبيل الوجوب لأنه في مقابله الكراهة التحريمية قوله : لبقاء سببه وهو الجزء الخ أي والمسبب يثبت بحسب ثبوت السبب إن كان كاملا فكامل وإن كان نقاصا فناقص قوله : مع الكراهة للتأخير وأما الفعل فلا يكره لعدم إستقامة إثبات الكراهة للشيء مع كونه مأمورا به ونظيره القضاء لا يكره فعليه بعد الوقت وإنما يحرم تفوته كما في الدرر وقيل الأداء مكروه أيضا وأيده في البحر بالنقل والاستدلال فإن قلت : لم لا يجوز فجر يومه كما جاز عصر يومه أجاب عنه صدره الشريعة بأنه ذكر في الأصول أن الجزء المقارن للأداء هو السبب لوجود الصلاة وآخر وقت العصر ناقص إذا هو وقت عبادة الشمس فوجب ناقصا فإذا أداه اداه كما وجب فإذا اعترض الفساد بالغروب لا تفسد لأنه وقت كمال والفجر كله وقت كمال لأن الشمس لا تعبد قبل وقت طلوعها فوجب كاملا فإذا اعترض الفساد بالطلوع تفسد لأن وقت الطلوع وقت ناقص فلم يؤدها كما وجبت وقوله الفساد أي ماشأنه الفساد وقوله : : بالغروب المراد به حال السقوط وقوله لأنه وقت كمال أي الغروب بمعنى تامة ففيه استخدام فإن قيل هذا تعليل في مقابلة النص وهو قوله : A : [ من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ] رواه الشيخان و الطحاوي أجيب بأنه لما وقع التعارض بين هذا الحديث وبين حديث النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة رجعنا إلى القياس كما هو حكم التعارض فرجع القياس حكم حديثالشيخين في صلاة العصر رجع حكم الحديث الناهي في صلاة الفجر وترجيح المحرم على المبيح إنما هو عند عدم ورود القياس أما عنده فالترجيح له على أنه أجاب في الأسرار بأن حديث النهي متأخر لأنه ابدأ يطرأ على الأصل الثابت ولأن ولأن الصحابة Bهم عملت به فعم أنه لاحق قوله : لا لذات الوقت فانه وقت كسائر الأوقات إنما النقنص في أداء الأركان المستلزم فعلها فيه التشبيه بعبادة الكفار فتح قوله : بخلاف عصره مضى الخ جواب سؤال حاصله ينبغي أن يجوز بعد الإصفرار قضاء عصر أمس مثلا لأن الوجور لما كان في آخر الوقت كان السبب ناقصا فإذا قضاه في ذلك الوقت من اليوم الثاني فقد أداه كما وجب قوله : يكره فيها النافلة كراهة تحريم فيجب قطعها والأداء في كامل في ظاهر الرواية وقيل : لا يصح التنفل فيها كالفرائض لأن الدليل يفيد المنع مطلقا دون عدم الصحة في البعض بخصوصه قوله : والسنن الرواتب كأن يصلي سنة الفجر وقت الطلوع ولا يظهر في غيرها لأن وقت الإستواء والغروب ليس فيه سنن رواتب وإن كان الفرض قضاء فلا سنة له ولو ألق السنن ليشمل الكسوف لكان أولى قوله : وقال أبو يوسف الخ قواه الكمال وفي الحاوي القدسي وعليه الفتوى قوله : لأنه استثنى في حديث عقبة الوارد في الأوقات المنهية وقد تقدم والمراد أنه ورد في بعض طرقه إستثناء يوم الجمعة من المنهيات ولهما أنهما زيادة غريبة فلا يعتد بها اهـ قوله : ويكره التنفل بعد طلوع الفجر أي قصدا حتى لو شرع في النفل قبل طلوع الفجر ثم طلع الفجر فالاصح أنه لايقوم عن سنة الفجر ولا يقطعه لأن الشروع فيه كان لا عن قصد اهـ سيد عن الزيلعي ومثل النافلة في هذا الحكم ما وجب بإيجاب العبد ويقال له الواجب لغيره كالمنذور وركعتي الطواف وقضاء نفل أفسده أما الواجب لعينه وهو ما كان بإيجاب الله تعالى ولا مدخل للعبد فيه سواء كان مقصودا لنفسه كمخالفة الكفار وموافقة الأبرار في سجود التلاوة أو كان مقصودا لغيره كقضاء حق الميت في صلاة الجنازة فلا كراهة فيه ومثل ما ذكره بعد صلاته أي الفجر وبعد صلاة العصر قوله : شاهدكم أي حاضركم قاله السيد قوله : ولذا تخفف الخ المنقول عنه A أنه كان يقرأ فيهما الكافرون والإخلاص وروي عن بعض الأكابر ك الغزالي أن من واظب على قراءة ألم نشرح في الأولى منهما وألم تر كيف في الثانية كفي شر الأعداء وشر الألم قوله : بعد صلاته أي فرض الصبح ولو سنة سواء تركها بعذر أو بدونه قوله : وبعد صلاة فرض العصر ولو المجموعة بعرفة كما نقله الكمال عن بعضهم ونقله الزاهدي في القنية عن مجد الأئمة و ظهير الدين المرغيناني قوله : وهو جعل الوقت الضمير يرجع إلى المعنى الذي في غير الوقت قوله : كالمشغول فيه الأولى حذف فيه وقوله ولو حكما مرتبط بقوله جعل يعني أن الشارع جعله في الحكم كالمشغول حقيقة قوله وهو أفضل أي الشغل الحكمي بالفرض أولى من الشغل الحيقي بالنفل قوله : فلا يظهر في حق فرض أي إذا علمت أن الأولية إنماهي بالنظر إلى النفل فلا يظهر الخ قوله : وهو المفاد بمفهوم المتن فإن المصنف قيد بالتنفل ومفهومه أن الفرض لا يركره أداؤه في هذه الأوقات الثلاثة قوله : ويكره التنفل قبل صلاة المغرب لأن في الاشتغال بذلك تأخير المستحب تعجيله المكروه تأخيره إلا يسيرا وقولهم التأخير قليلا لا يكره حمله الكامل على ما هو الأقل من الركعتين مما لا يعد تأخيرا وهو خلاف ما بحثه هنا من أن التأخير بقدر ركعتين خفيفتين لا يكره ويؤيد الأول قول ابن عمر Bهما : ما رأيت أخحد ا على عهد رسول الله A يصليهما بل قال النخعي انهما بدعة قوله : يعني الأذان والإقامة فهو من باب التغليب أو المراد بالأذان المعنى اللغوي فإن في الأقامة إعلاما قوله ويكره التنفل عند خروج الخطيب وكذا الفريضة الفائتة لصاحب ترتيب كما في الدر فلو شرع قبل خروج الإمام ثم خرج لا يقطعها لعدم قصد ذلك بل يتمها ركعتين ان كانت نفلا وأربعا إن كانت سنة الجمعة على الأصح لسكنه يخفف فيها قوله : عند خروج الخطيب من خلوته أو قيامه للصعود ان لم تكن له خلوة أفادة في الشرح ويمكن الاستغناء عن هذه الزيادة بقوله وظهوره فإن في قيامه ظهورا قال بعض الحذاق ان قلت هذا لا يناسب خطبة النكاح وختم القرآن قلت المراد من خروجه ما يعم تهيئته لذلك اهـ قوله : حتى يفرغ من الصلاة أي إن كان بعدها صلاة وإلا فبعد فراغه منها وإنما حرم التنفل حينئذ لأن الاستماع فرض والامر بالمعروف في وقتها حرام لرواية الصحيحين : إذا قلت لصاحبك انصت والإمام يخطب فقط لغوت فكيف بالنفل وإليه أشار المؤلف بقوله للنهي عنه قوله : والكسوف هو على قول الإمام الشافعي والاستسقاء على قول الصاحبين رضي الله تعالى عنهم قاله في الشرح وما في القنية من أنه لا يكره الكلام في خطبة الجمعة ضعيف قوله : ويكره عند الإقامة لكل فريضة لما في كتاب الصلاة من الأصل سئل في المؤذن يأخذ في الإقامة أيكره أن يتطوع قال : نعم إلا ركعتي الفجر اهـ وقد ظهر أن المراد بالإقامة هنا إقامة المؤذن لا الشروع وهذا بخلاف الإقامة المذكورة في إدارك الفريضة فإن المراد بها الشروع في الصلاة كما صرحوا به هناك والحاصل أن مصلي السنة أو النافلة إن كان قبل إقامة المؤذن فله أن يأتي بهما في أي موضع شاء من المسجد أو غيره إلا في الطريق وإن كان وقت الإقامة يكره له التطوع بغير سنة الفجر على قول العامة وكذا يأتي بها بعد شروعه إذا عليم أنه يدرك ولو في تشهد الفرض عند أئمتنا الثلاثة خلافا لمن حكى خلاف محمد فيها وبناء على خلافه في صلاة الجمعة وهو لا يصح لوجود الفارق لأن المدار في الجمعة على إدراك الجمعة وفي الفجر على إدراك فضلها قوله : إلا سنة الفجر إذا أمن فوت الجماعة إنما خصت سنة الفجر لأن لها فضيلة عظيمة قال A : [ ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ] وروي : [ صلوهما وإن طردتكم الخيل ] أو أن فيهما الرغائب ولكن لما كانت للجماعة فضيلة أيضا يعمل بها بقدحر الإمكان عند التعارض فإن خشي فوت الجماعة دخل مع الإمام لأنه لما تعذر إحرازهما يرحرز أفضلهما وهو الجماعة لأنه إن ورد الوعد في سنة الفجر لم يرد الوعيد بتركها وقد ورد الوعد والوعيد في الجماعة فعنه A : [ يد الله مع الجماعة من شذ شذ في النار ] وسئل ابن عباس عن رجل يقوم بالليل ويصوم بالنهار ولا يحضر الجماعة فقال : هو في النار وأيضا الجماعة مكملة ذاتية والسنة مكملة خارجية واعلم أن السنة في السنن التي قبل الفرائض أن يأتي بها في بيته أو عند باب المسجد وإن لم يكنه ففي المسجد الصيفي إن كان الإمام في الشتوي وبالعكس وإن كان المسجد واحدا فخلف اسطوانة أو نحو ذلك أو في آخر المسجد بعيدا عن الصفوة في ناحية منه ويكره أن يصليها مخالطا للصف مخالطا للجماعة أوخلف الصف من غير حائل والأول أشد كراهة وأما التي بعدها فالأفضل فعلها في المنزل إلا إذا خاف الاشتغال عنها لو ذهب إلى البيع فيأتي بها في المسجد في أي موضع شاء ولو في مكانه الذي صلى فيه الفرض والأولى أن يتنحى عنه ويكره للإمام أن يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفرض كما في البحر و الكافي قوله : أي مصلى العيد سواء كان مسجد الجماعة أو المعد لصلاة العيد فقط قوله : كان لا يصلي قبل العيد شيئا وجد الدلالة منه أنه صلى الله عليه سلم كان حريصا على النوافل ما أمكن فعدم فعله يدل على الكراهة إذ لولاها لفعل ولو مرة بيانا للإباحة كما في الحلبي قوله : في جمعة عرفة الأولى حذف إحدى الكلمتين لفظ في أو جمع .
قوله : لتفويته الفرض الخ أي لما ليس بفرض فيترك ما عليه ويفعل ما ليس علهيه وهذا ليس من فعل العقلاء بل إذا كان الوقت الذي بعده وقت فساد كوقت الطلوع فإنه يترك الواجبات ويقتصر على أدنى ما تجوز به الصلاة كما في المجتبى قوله : حال مدافعة أحد الأخبثين أي الحصر بأحدهما والمفاعلة على غير بابها أو هي على بابها لأنها تندفع للخروج وهو يدفعها لداخل قوله : تتوقه نفسه أي تشتاق إليه فإن فيه شغلا والكراهة أن لم يضق الوقت وإلا قدمه ولا كراهة عند ذلك قوله : وعند حضور كل الخ من عطف العام .
تتمة : مما يتصل بالمكروهات كراهة الكلام بعد الفجر إلى أن يصلي إلا بخير وفي إبطال السنة إذ فصل به كلام ولا بأس بالمشي لحاجة بعد الصلاة وقيل يكره إلى طلوع الشمس وقيل إلى ارتفاعها وأما بعد العشاء فأباحه قوم وحظره آخرون وكان A يكره النوم قبلها والحديث بعدها والمراد به ما ليس بخير وإنما يتحقق الخير في كلام هو عبادة إذ المباح لا خير فيه كما لا إثم فيه فيكره في هذه الأوقات نقله السيد عن النهر قوله : لإدخال النقص في المؤدى المراد به فعل العبادات ولو نفلا لا مقابل القضاء والله أعلم