فصل في صفة الأذكار .
قوله : وغيره أي غير ما ذكر أو غير الفضل كبيان التحول ورفع الأيدي عند الدعاء ومسح الوجه بهما قوله : متصلا بالفرض المراد بالوصل أن لا يفصل بغير ما سيأتي فلا ينافي قوله غير أنه يستحب الخ ولم يتكلم على الفصل بين السنن كما إذا صلى سنة الظهر مثلا البعدية أربعا وفصل بينهما بسلام والظاهر استحباب عدم الفصل بشيء أصلا وحرره نقلا قوله : كما كان عليه السلام الخ الكاف للتعليل أي لكونه A كان يمكث الخ قوله : اللهم أنت السلام أي ذو السلامة من كل نقص فهو اسم مصدر أخبر به للمبالغة قوله : ومنك السلام أي والسلامة من كل شر حاصله منك لا من غيرك قوله : واليك يعود السلام قال في شرح المشكاة عن الجزري : وأما ما يزاد بعد قوله ومنك السلام من نحو وإليك يرجع السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام فلا أصل له بل مختلق بعض القصاص اهـ ويؤيد ذلك ما ذكره المؤلف بعد من رواية مسلم قوله : تباركت أي كثر خيرك قوله : يا ذا الجلال أي العظمة وهو جامع لجميع الفضائل قوله : والإكرام أي الإنعام وهو إسداء النعم وهو جامع لجميع الفواضل وفي رواية عائشة Bها قالت : كان رسول الله A لا يعقد إلا بمقدار ما يقول اللهم أنت السلام الخ وهي تفيد كالذي ذكره المؤلف أنه ليس المراد أنه كان يقول ذلك بعينه بل كان يعقد زمانا يسع ذلك المقدار ونحوه من القول تقريبا فلا ينافي ما في الصحيحين [ عن المغيرة أنه A كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ] وهذا لا ينافي ما في مسلم [ عن عبد الله بن الزبير كان رسول الله A إذا فرغ من صلاته قال بصوته الأعلى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولا نعبد إلا إياه وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخصلين له الدين ولو كره الكافرون ] لأن المقدار المذكور من حيث التقريب دون التحديد قد يسع كل واحد من هذه الأذكار لعدم التفاوت الكثير بينها ويستفاد من الحديث الأخبر جواز رفع الصوت بالذكر والتكبير عقب المكتوبات بل من السلف من قال باستحبابه وجزم به ابن جزم ابن جزم من المتأخرين قوله : التي تؤخر عنه السنة الأولى الاقتصار على الجملة الثانية قوله : قلت ولعل المراد الخ أقول لعل ذلك لم يقو قوة الحديث المتقدم فلذا لم ينص عليه أهل المذهب والخير في الاتباع قوله : بعد المغرب إنما خصها لأن السنة تعقبها وإلا فقد ورد في الفجر مثل ذلك قوله : والمعوذات فيه تغليب المعوذتين على الصمدية ومن ثمرات ذلك إلا من الفتن والبلاء إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وتكفير جميع الذنوب كما ذكره الأجهوري في فضائل رمضان واعلم أن محل الكلام السابق فيما إذا صلى السنة في المسجد مثلا أما إذا أراد الانتقال إلى البيت لفعلها فلا يكره الفصل وإن زاد على القدر المسنون قوله : ويخالفه الخ تنتفي المخالفة بحمل الكراهة المذكورة في الاختيار على التنزيهية وهي معنى قول الحلواني لا بأس لأنها تستعمل فيما خلافه أولى منه أو يحمل ما في الاختيار على كراهة التحريم ويحمل على الأدعية الطويلة وحينئذ يكون ما قاله الحلواني : محمولا على الفصل بنحو : اللهم أنت السلام ولا بأس مستعملة في مطلق الجواز قوله : والدعاء هذا لا ينافي الإتيان باللهم أنت السلام الخ لأنه ليس دعاء بل ثناء إلا أن يراد بالدعاء ما يعم الذكر أو هو بالنظر إلى قوله فحينا الخ دعاء على ما فيه قوله : وعن عائشة الخ هو من جملة ما في الاختيار كما يفيده كلامه في كبيرة وحينئذ فتحمل الكراهة على الإتيان بما هو أزيد من ذلك أو المراد بالدعاء حقيقته وهو أحد الاحتمالين السابقين قوله : بما ليس من توابع الصلاة كأكل وشرب قوله : وقد أشرنا الخ لا تفهم تلك الإشارة مما سبق لأن ما سبق في الفصل بالأوراد وهذا في الفصل بالكلام الكثير ولا يفهم حكم أحدهما من الآخر قوله : إلى أنه إذا تكلم الخ مثل ذلك ما إذا أخر السنة إلى آخر الوقت على الأصح وقيل لا تكون سنة وظاهر كلامه يعم القبلية والبعدية والأفضل الوصل فيهما قوله : أداؤها فيما هو أبعد من الرياء أي ما عدا التراويح فإن الأفضل المسجد أفاده الشرح وما عدا تحية المسجد قوله : وأجمع للخلوص أي أكثر إخلاصا وهو أعم مما قبله قوله : أو غيره أو بمعنى الواو لأن التسوية لا تقع إلا بين متعدد وأو لأحد الشيئين أو الأشياء وفي نسخ بالواو قوله : لأن لليمين فضلا هذا علة لمحذوف أي وإنما اختير يمين القبلة عن يسارها وإن كان جائزا الآن الخ قوله : ولدفع الاشتباه الخ هذه العلة لأصل التحول لا لكونه لجهة اليمين فالأولى ذكرها عند قوله أن يتحول قوله : وكذلك للقوم أي وكذلك يستحب للقوم وهو عطف على قوله ويستحب للإمام ودليله ما روى أبو هريرة قال : قال رسول الله A : [ أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة ] يعني في السبحة رواه أبو داود وابن ماجه وقال بعض مشايخنا : لا حرج عليهم في ترك الانتقال لانعدام الاشتباه على الداخل عند معاينة فراغ مكان الإمام عنه قوله : لما روي أن مكان المصلى الخ [ روى أبو هريرة أن رسول الله A تلا { يومئذ تحدث أخبارها } قال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا في كذا ] رواه الترمذي وقال : حسن صحيح ونقل القرطبي في تفسير قوله تعالى : فما بكت عليهم السماء والأرض عن علي وابن عباس Bهما أنه يبكي على المؤمن مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء وتقدير الآية على هذا فما بكت عليهم مصاعد أعمالهم من السماء ولا مواضع عبادتهم من الأرض اهـ ومن هنا قال عطاء الخراساني : ما من عبد يسجد الله تعالى سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت اهـ ابن أمير حاج ملخصا قوله : ويستحب أن يستقبل بعدها إلخ سواء كان الجماعة عشرة أو أقل خلافا لمن فصل وروي في ذلك حديثا موضوعا وصنيعه كغيره يفيد أن الإمام مخير بعد الفراغ من التطوع أو المكتوبة إذا لم يكن بعدها تطوع إن شاء انحرف عن يمنيه وإن شاء عن يساره وإن شاء ذهب إلى حوائجه وإن شاء استقبل الناس بوجهه واعلم أن هذه الأربعة غير التحول للتطوع لأنه يفعلها بعده فتأمل قوله : إن لم يكن في مقابلة مصل فإن كان يكره لما في الصحيحين كره عثمان Bه أن يستقبل الرجل وهو يصل وحكاه عياض عن عامة العلماء ولم يفصل بين ما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير وهو ظاهر المذهب وإن كان بينهما صفوف لأن جلوس الإمام مستقبلا له وإن كان بعيدا عنه بمنزلة جلوسه بين يديه قال ابن أمير حاج : والذي يظهر أنه إذا كان بين الإمام والمصلى بحذائه رجل جالس ظهره إلى وجه المصلي أنه لا يكره للإمام استقبال القوم لأنه في هذه الحالة لا يكره المرور قدام المصلي لحيلولة ذلك الرجل بينه وبين المصلي فكذا هنا يكون حائلا لاستقبال من وراءه قال : ولعل محمدا C تعالى إنما لم يذكر هذا القيد للعلم به قوله : والأمر للإباحة أصل هذا الكلام للحلبي وتمامه فيه وكونه في الجمعة لا ينافي كونه في غيرها بل يثبته بطريق الدلالة قوله : في دبر كل صلاة الخ صنيع المصنف يقتضي أن المراد كل صلاة من المفروضات قوله : وإن كان فر من الزحف أي من صف القتال المطلوب شرعا كقتل الكفار وأطلق زحفا على زاحف والمراد به ما تقدم وفي الحديث ما يفيد أن هذا الاستغفار يكفر الكبائر لأن الفرار من الكبائر كما في الحديث وهي طريقة لبعض العلماء قوله : لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت معناه أنه إذا مات دخل الجنة والمراد أن روحه تستقر فيها أو المراد بالدخول التنعم يعني أنه بمجرد موته وصل إلى تنعمه بنعيم الجنة فإن القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار قوله : آمنه الله على داره الخ أي حفظ الله تعالى ما ذكر وورد أن من قرأها مع خواتيم سورة البقرة في مكان ثلاث ليال لم يقربه شيطان أبدا قوله : ويقرؤون المعوذات تقدم أن فيه تغليبا والمراد الصمدية والمعوذتان روى الطبراني في بعض طرق حديث آية الكرسي زيادة قل هو الله أحد وصنيعه يفيد أن هذه الكيفية المذكورة لم يرد بها حديث واحد وإنما جمعت من أحاديث متعددة قوله : من سبح الله في دبر كل صلاة الخ يشمل الفرض والنفل لكن حمله أكثر العلماء على الفرض فإنه ورد في حديث كعب بن عجرة عند مسلم التقييد بالمكتوبة فكأنهم حملوا المطلق على المقيد وهذا الترتيب وقع في أكثر الأحاديث وفي بعض الروايات تقديم التكبير على لتحميد خاصة وفي رواية تقديم التحميد على التسبيح فدل ذلك على أنه لا ترتيب فيها ويمكن أن يقال : الأولى البداءة بالتسبيح لأنه من باب التخلية ثم التحميد لأنه من باب التحلية ثم التكبير لأنه تعظيم وورد إحدى عشرة من كل وورد عشرا وورد ستا وورد مرة واحدة وورد سبعين وورد مائة فقد اختلفت الروايات في تعيين هذه الأعداد وكل ذلك لا يكون إلا عن حكمة وإن خفيت علينا فيجب علينا أن نمتثل ذلك قال الحافظ الزين العراقي : وكل ذلك حسن وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى وجمع البغوي بأنه يحتمل صدور ذلك في أوقات متعددة وأن يكون ذلك على سبيل التخيير أو يفترق بافتراق الأحوال كما ذكره البدر العيني في شرح البخاري والمنلا علي في شرح المشكاة وفي الإتيان بالثلاث والثلاثين إتيان بما هو دون ذلك قال البدر العيني : فسقط ما قيل أن هذه الأعداد الواردة عقب الصلوات من الأذكار إذا كان لها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على عددها عمدا لا يحصل له ذلك الثواب الوارد في الإتيان بالعدد الناقص فلعل لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزة تلك الأعداد وتعديها وليس هذا إلا تهافتا والصواب ما قلنا لأن هذه الأعداد ليست من الحدود التي نهي عن تعديها ومجاوزة أعدادها بل مما يتنافس فيه المتنافسون ويرغب فيه الراغبون والطاعة لا حصر فيها فإن قلت : هل الشرط في تحصيل السنة والفضل الموعود به أن يقول الذكر المنصوص عليه بالعدد متتابعا أم لا وفي مجلس واحد أم لا قلت : كل ذلك ليس بشرط لكن الأفضل أن يأتي به متتابعا في الوقت الذي عين فيه اهـ ملخصا وصح أنه A كان يعقد التسبيح بيمينه وورد أنه قال : واعقدوه بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات وجاء بسند ضعيف عن علي مرفوعا نعم المذكر السبحة قال ابن حجر : والروايات بالتسبيح بالنوى والحصا كثيرة عن الصحابة وبعض أمهات المؤمنين بل رآها A وأقرأ عليه وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة وقيل : إن أمن من الغلط فهو أولى وإلا فهي أولى كذا في شرح المشكاة قوله : وفيما قدمناه الخ قدمه قريبا بلفظ وقوله A ن لفقراء المهاجرين : [ تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ] الخ لا يقتضي اهـ قوله : وهو حديث المهاجرين بيان لما قدمه روى البخاري من حديث أبي هريرة Bه قال : [ جاء الفقراء إلى النبي A فقالوا : ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل أموال يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقال : ألا أحدثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولو يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ] اهـ قوله : ثم يدعون لأنفسهم يبدؤون بها لقوله A : [ إبدأ بنفسك ] الحديث وهو وإن ورد في الانفاق فالمحققون يستعملونه في أمور الآخرة أيضا حتى قالوا يجب على العالم أن يبدأ بعياله في التعليم يدل عليه قوله تعالى : { قوا أنفسكم وأهليكم نارا } ذكره الأبياري في شرح الجامع الصغير قوله : بالأدعية المأثورة الجامعة وينبغي أن يلح بالدعاء مرة بعد أخرى وقتا بعد وقت وأن يكرره ثلاثا ويكره أن يرفع بصره إلى السماء لما فيه من ترك الأدب وتوهم الجهة وقد نهى النبي A عن ذلك كما في شرح الحصن الحصين وأن يخص صلاة أو وقتا بدعاء لأنه يقسي القلب وأن يعتدي في الدعاء لقوله D : إنه لا يحب المعتدين واختلف في تفسيره فقيل : هو أن يدعو بمستحيل شرعا أو عقلا وقيل هو طلب ما لا يليق به كمراتب الأنبياء وقيل : هو الصياح به وقيل تكلف السجع وقيل الإطناب فيه وقيل : طلب أمر لا يعلم حقيقته وأفاد المصنف بقوله وللمسلمين جواز الدعاء لهم عموما لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم : { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } [ إبراهيم : 41 ] وقوله تعالى { واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات } [ غافر : 40 ] ولا يلزم من سؤال المغفرة أن يغفر لهم فقد لا يستحاب له ويكون في الدعاء بالاستغفار إظهار الافتقار إلى الله تعالى وعلى تقدير الإجابة لا يلزم أن يغفر لهم جميع الذنوب فقد يغفر لهم البعض دون البعض كما ذكره ابن العماد وبهذا يسقط ما ذكره العراقي من حرمة الدعاء للمؤمنين بغفران جميع الذنوب قوله : والله اني لأحبك الخ ينبغي العمل بها لأنها وصية المحب للمحبوب ومن الأدب في الدعاء أن يدعو بخشوع وتذلل وخفض صوت أي بأن يكون بين المخاقتة والجهر كما في الأذكار عن الأحياء ليكون أقرب إلى الإجابة قوله : حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه الذي في الحصن والحصين وشرحه أن يرفعهما حذاء منكبيه باسطا كفيه نحو السماء لأنها قبلة الدعاء اهـ قال بعض الأفاضل : ولا منافاة بينهما لأن المراد أن لا يجعل بطونهما جهة الأرض والتفاوت في مقدار الرفع قليل كما يشير إليه ما في أبي داود عن ابن عباس قال : المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو دونهما وأما ما روي أنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه فمحمول على بيان الجواز أو على حالة الاستسقاء ونحوها من شدة البلاء والمبالغة في الدعاء وفي النهر من فعل كيفيته المستحبة أن يكون بين الكفين فرجة وإن قلت : وأن لا يضع إحدى يديه على الأرض فإن كان لا يقدر على رفع يديه لعذر أو برد فأشار بالمستحبة أجزأ اهـ لكن في شرح الحصن الحصين والظاهر أن من الأدب أيضا ضم اليدين وتوجيه أصبعهما نحو القبلة وفي شرح المشكاة ورد أنه A يوم عرفة جمع بين كفيه في الدعاء وأن أريد بالضم في كلام القرب التام لا ينافي وجود الفرجة القليلة وأما قوله : رب العزة أي العظمة وقيل هي حية عظيمة دائرة بالعرش قريب ذنبها من رأسها فإذا اجتمعا قامت القيامة قوله : من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى المراد به تكثير الأجر قوله : ثم يمسحون بها وجوههم الحكمة في ذلك عود البركة عليه وسرايتها إلى باطنه وتفاؤلا بدفع وحصول العطاء ولا يمسح بيد واحدة لأنه فعل المتكبرين ودل الحديث على أنه إذا لم يرفع يديه في الدعاء لم يمسح بهما وهو قيد حسن لأنه A كان يدعو كثيرا كما هو في الصلاة والطواف وغيرهما من الدعوات المأثورة دبر الصلوات وعند النوم وبعد الأكل وأمثال ذلك ولم يرفع يديه ولم يمسح بهما وجهه أفاده في شرح المشكاة و شرح الحصن الحصين وغيرهما .
فروع : اختلف هل الإسرار في الذكر أفضل فقيل : نعم لأحاديث كثيرة تدل عليه منها خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ولأن الإسرار أبلغ في الإخلاص وأقرب إلى الإجابة وقيل : الجهر أفضل لأحاديث كثيرة منها رواه ابن الزبير كان رسول الله A إذا سلم من صلاته قال بصوته الأعلى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتقدم وقد كان A يأمر من يقرأ القرآن في المسجد أن يسمع قراءته وكان ابن عمر يأمر من يقرأ عليه وعلى أصحابه وهم يستمعون ولأنه أكثر عملا وأبلغ في التدبر ونفعه متعد لإيقاظ قلوب الغافلين وجمع بين الأحاديث الواردة بأن ذلك يختلف بحسب الأشخاص والأحوال فمتى خاف الرياء أو تأذى به أحد كان الإسرار أفضل ومتى فقد ما ذكر كان الجهر أفضل قال في الفتاوى لا يمنع من الجهز بالذكر في المساجد احترازا عن الدخول تحت قوله تعالى : { ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه } [ البقرة : 2 ] كذا في البزازية ونص الشعراني في ذكر الذاكر للمذكور والشاكر للمشكور ما لفظه وأجمع العلماء سلفا وخلفا على استحباب ذكر الله تعالى جماعة في المساجد وغيرها من غير نكير إى أن يشوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصل أو قارئ قرآن كما هو مقرر في كتب الفقه وفي الحلبي الأفضل الجهر بالقراءة إن لم يكن عند قوم مشغولين ما لم يخالطه رياء اه وفي الدرة المنفية عن القنية يكره للقوم أن يقرؤوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات وقيل : لا بأس به اهـ وفيها أيضا قراءة القرآن في الحمام إن لم يكن ثمة أحد مكشوف العورة وكان الموضع طاهرا تجوز جهرا وخفية وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه فلا بأس به ويكره الجهر اهـ وفي الدر من الكراهة أيضا الترجيع بالقراءة والأذان بالصوت الطيب طيب ما لم يزد حرفا فيكره له ولمستمعه وقول القائل لمن زاد ذلك حين سكت أحسنت إن لسكوته فحسن وإن لتلك القراءة يخشى عليه الكفر اهـ وفيه أيضا التغني بالقرآن إذا لم يخرج بألحانه عن قدر ما هو صحيح في العربية مستحسن والتغني حرام إذا كان بذكر امرأة معينة حية أو وصف خمر يهيج إليها أو قصد هجو ولو لذمي وأجاز بعضهم الغناء في العرس كضرب الدف فيه ومنهم من أباحه مطلقا ومنهم من كرهه مطلقا ذكره العيني وتبعه الباقاني قلت : لكن في البحر والمذهب حرمته مطلقا فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنها كبيرة ولو لنفسه وهو قول شيخ الإسلام : وكذا لسامعه وحاضره اهـ من سكب الأنهر ملخصا وذكر ابن الجزري في الحصن الحصين أن كل ذكر مشروع أي مأمور به في الشرع واجبا كان أو مستحيا لا يعتد بشيء منه حتى يتلفظ به ويسمع به نفسه اهـ والمعنى أنه إذا قرأ في قلبه حال القراءة أو سبح بقلبه في الركوع والسجود لا يكون آتيا بفرض القراءة وسنة التسبيح وإلا فقد أخرج أبو يعلى عن عائشة أفضل الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة سبعون ضعفا الخ وأما الرقص والتصفيق والصريخ وضرب الأوتار والصنج والبوق الذي يفعله بعض من يدعي التصوف فإنه حرام بالإجماع لأنهازي الكفار كما في سكب الأنهر وفي مجمع الأنهر عن التسهيل الوجد مراتب وبعضه يسلب الاختيار فلا وجه لمطلق الإنكار وفي التتارخانية ما يدل على جوازه للمغلوب الذي حركاته كحركات المرتعش اهـ والمصافحة سنة في سائر الأوقات لما أخرج أبو داود عن أبي ذر : ما لقيت النبي A إلا وصافحني الحديث وفيه اعتنقه مرة وفي القهستاني وغيره هي إلصاق الكف بالكف وإقبال الوجه بالوجه فأخذ الأصابع ليس بمصافحة خلافا للروافض والسنة أن تكون بكلتا يديه وبغير حائل من نحو ثوب وعند اللقاء بعد السلام وأن يأخذ الإبهام فإن فيه عرقا تتشعب منه المحبة وفي الهداية ويكره أن يقبل الرجل فم الرجل أو يده أو شيئا منه أو يعانقه في إزار واحد وقال أبو يوسف : لا بأس بذلك كله اهـ وفي غاية البيان عن والواقعات تقبيل يد العالم أو السلطان العادل جائز وورد في أحاديث ذكرها البدر العيني ما يفيد أن النبي A كان يقبل يده ورجله وكان النبي A يقبل الحسن وفاطمة وقبل A عثمان بن مظعون بعد موته وكذلك قبل الصديق Bه تعالى عنه رسول الله صلى عليه وسلم بعد موته وقبل رسول الله A ابن عمه جعفرا بين عينيه ثم قال البدر العيني : فعلم من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين اهـ أي والسيد وأمته وفي رفع العوائق عن البحر الزاخر لا بأس بتقبيل يد العالم والسلطان العادل وفي غيرهما إن أراد شيئا من عرض الدنيا فمكروه وإن أراد تعظيم المسلم وإكرامه فلا بأس به اهـ وكان عمر يأخذ المصحف كل غداة ويقبله وكان عثمان يقبله ويمسحه على وجهه وتقبيل الخبز قال أصحاب الشافعي رضي الله تعالى عنه : إنه بدعة مباحة وقالوا : يكره دوسه لا بوسه وقواعدنا لا تأباه وفي رسالة المصافحة للشرنبلالي عن شيخ مشايخه الحانوتي : التحية بالركوع واسترخاء الرأس مكروهة لكل أحد مطلقا ومثله السلام باليد كما نصت عليه الحنفية اهـ قال الشرنبلالي : بعد ومحل كراهة الإشارة باليد إذا اقتصر عليها وذكر حديثا يفيد أنه A جمع بين اللفظ والإشارة وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة وفي مشكل الآثار القيام لغيره ليس بمكروه لعينه إنما المكروه محبة القيام من الذي يقام له فإن لم يحب وقاموا له لا يكره لهم يعني جميعا قال : وقال القاضي البديع : وقيام قارئ القرآن للقادم تعظيما لا يكره إذا كان ممن يستحق التعظيم وقيل : له أن يقوم بين يدي العالم تعظيما له أما في غيره فلا يجوز وقال ابن وهبان في شرحه : والقيام يستحب في زماننا لما يورث تركه من الحقد والبغضاء والوعيد إنما هو في حق من يحب القيام بين يديه كما يفعله الترك وفي المشكاة [ عن أبي هريرة : كان رسول الله A يجلس معنا في المسجد يحدثنا فإذا قمنا قياما حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه ] و [ عن واثلة دخل رجل إلى رسول الله A وهو قاعد في المسجد فتزحزح له رسول الله A فقال الرجل : يا رسول الله إن في المكان سعة فقال النبي A : إن للمسلم لحقا ] رواهما البيهقي في الشعب وأما المعانقة وهي كما في القهستاني جعل كل منهما يده على عنق الآخر فقالا بكراهتها وأباحه أبو يوسف وظاهر عبارة مواهب الرحمن اختياره حيث قال مقتصرا عليه ويبيح أي أبو يوسف للرجل معانقة مثله وتقبيله للمبرة بلا شهوة كالمصافحة وتقبيل يد العالم والسلطان العادل للتبرك اهـ قالوا الخلاف فيما إذا لم يكن عليهما غير الإزار وأما إذا كان عليهما قميص أو جبة أو رداء مع الإزار فلا بأس به بالإجماع كما في رفع العوائق عن الشمني والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم