فصل في بيان النوافل .
قوله : لأن النفل أعم والتطوع بمعناه وهو خير يأتي به المرء طوعا من غير إيحاب قوله : لغة الزيادة ومنه سميت الغنيمة نفلا قال تعالى : { يسألونك عن الأنفال } لأنها زيادة على أصل موضوع الجهاد وهو إعلاء كلمة الله تعالى وتطلق على ولد الولد ومنه قوله تعالى : { ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة } أي عطية زائدة على ما طالبه وهو إسحق عليهم السلام قوله : ولا مسنون من العبادة هذا ينافي قوله إذ كل سنة نافلة فإنه ظاهر في إطلاقه عليها ويجاب بأن للنفل إطلاقين الأول ما قابل الفرض والواجب والثاني ما تبرع به الشخص من غير أمر به به خاص فأشار أولا وآخرا إليهما قوله : والسنة الخ الأولى ما فعله في الشرح حيث أخر الكلام على السنة عند قوله : سن الخ قوله أو غير مرضية منه ومن سن سنة سيئة فعلية وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة قوله : وفي الشريعة الطريقة الخ تقدم الكلام عليها مستوفى في الطهرة قوله : شرعت لجبر نقصان يمكن حمله على البعدية فلا ينافي ما بعد أو أنها تكون لجبر النقصان ولو كانت متقدمة ويدل عليه ما في الحديث الصحيح : أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صحت فقد أصلح وأنجح وإن فسدت فقد وأجنح وخسر وإن انتقض من فريضته شيئا قال الرب سبحانه وتعالى : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به ما انتقض من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك قوله : تمكن في الفرض أي وقع فيه قوله : لأن العبد الخ قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } [ الأنعام / 6 ] قال السيد عازيا إلى ما في المصنف وهذا بالنسبة لغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإن النوافل في جانبهم لزيادة الدرجات لهم وفي جانب غيرهم لجبر الخلل إذ لا خلل في صلاة الأنبياء عليهم اصللاة والسلام قوله : منها ركعتان الأولى حذف منها لأنه على هذا الحل لا يكون لسن نائب فاعل قوله : وهي أقوى السنن لكثرة ما ورد فيها من المرغبات قله : أنها واجبة أجمعوا علىأنها لا تصح قاعدا من غير عذر كما في الخلاصة ويخشى على جاحدها الكفر كما في المضمرات وتقضى إذا فاتت مع الفرض دون غيرها والأصح أنها تصاب بمطلق النية وفي مسلم [ عن أبي هريرة أن رسول الله A قرأ في ركعتي الفجر { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } ] وفي مسند الإمام أحمد ابن عباس في الأولى بخاتمة البقرة وفي الثانية { قل يا أهل الكتاب تعالوا } الآية فتستحب قراءة هاتين السورتين وهذه الآيات على سبيل المناوبة أياما واستحسن الغزالي أن يقرأ في الأولى ألم نشرح وفي الثانية ألم تر كيف وقال : إن ذلك يرد شر اليوم كذا في ابن أمير حاج لكنه لم يرد في السنة كما في مقاصد السخاوي والأفضل في سنة الفجر أداؤها في أول الوقت مع التخفيف وقيل : يفضل الأسفار وفي البناية عن المبسوط : يكره الكلام بعد إنشقاق الفجر لأنها ساعة تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار كما في تأويل إن قرآن الفجر كان مشهودا فلا ينبغي أن يشهدكم إلا على خير وفي حكاية الإجماع على أنها لا تصلي من قعود نظر بل المجمع عليه إنما هو تأكدها والمعتمد جوازها من قعود كما يأتي في الشرح قوله : وإن طردتكم الخيل المقصود الحث إلى على الفعل وإلا فترك الفرد عند طرد الخيل يباح لعدم التمكن قوله : أحب إلي من الدنيا وما فيها باعتبار ما يترتب على فعلها من الثواب قوله : ثم اختلف في الأفضل أي من المؤكدات والمستحبات .
قوله : قال الحلواني : ركعتا المغرب فإنه النبي A لم يدعهما سفرا ولا حضرا كذا في الشرح قوله : ثم التي بعد الظهر لأنها سنة متفق عليها بخلاف التي قبلها لأنه قيل أنها للفصل بين الأذان والإقامة كذا في الشرح قوله : وهو الأصح كذا صححه في الدارية و العناية و النهاية وعلله في البحر بأنه ورد فيها وعيد هو قوله النبي A : [ من ترك الأربع التي قبل الظهر لم تنله شفاعتي ] وكذا ذكر تصححه العلامة نوح قوله : وقد ابتدأ أي الإمام محمد في المبسوط بها وهو لا يدل على أفضليتها لأن الظهر أول صلاة في الوجود قوله : ويندب أن بضم إليهم ركعتين وهو مخير إن شاء جعلها بسلام واحد وإن شاء جعلها بسلامين والأولى حذفه لأنه يأتي الكلام على ذلك قريبا قوله : ومنها ركعتان بعد المغرب في شرح الوقاية لشيخي زاده ما نصه [ قال النبي A : أفضل الصلوات عند الله المغرب لم يحطها عن مسافر ولا مقيم فتح بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين بنى الله له قصرين في الجنة ومن صلى بعدها أربع ركعات غفر له ذنوب عشرين أو قال أربعين سنة ] قوله : كان يقرأ في الأولى منهما الخ يعني أحيانا كما في شرح المشكاة قوله : من سلخها أي ما سلخ عنها وهو جلدها قوله : وأربع قبل الظهر قال في البحر : ويقرأ في كل ركعة نحوا من عشر آيات وكذا في الأربع بعد العشاء قوله : لم تنله شفاعتي أي الشفاعة الخاصة المترتبة على فعلها قوله : فلذا قيدنا أي لقوله : لا يفضل في شيء منهن وقوله يسلم آخرهن قوله : لتعلقه الأولى حذفه لفهمه من قوله في الرباعيات وقال أبو يوسف : يصلي أربعا قبل الجمعة وستا بعدها وفي الكرخي محمد مع أبي يوسف وفي المنظومة مع الإمام ثم عند أبى يوسف يصلي أربعا ثم إثنتين كذا في الحدادي ولو أخر السنة لا تكون سنة علىالصحيح والكلم بين السنة والفرض وكل عمل ينافي التحريمة لا يسقطها ولكن ينقص ثوابها على الأصح وفي الحلبي لوأراد أن يصلي النوافل ينذرها ثم يصليها كما هي ثم نقل عن شرف الأئمة أن أداء النقل بعد النذر أفضل من أدائه دون النذر والأفضل في السنن القبلية والبعدية أداؤها في المنزل كما غالب حاله النبي A وأخرج أبو داود صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة وفي المنية التطوع في المسجد حسن وفي البيت أحسن وبه أفتى الفقيه أبو جعفر قال : إلا أن يخشى أن يشتغل عنها إذا رجع إلى منزله فإن لم يخف فالأفضل البيت والحكمة فيه أن لا تخلو البيوت من الصلاة كما نبه عليه A : [ نوروا بيوتكم بالصلاة ولا تجعلوها قبورا ] كذا في الحلبي وغيره قوله : ولعله الخ هذا مما تفرد به المؤلف بحثا وكلام أهل المذهب أحق ما إليه يذهب قوله : المستحب من السنن المستحب والمندوب والمرغب فيه والحسن ألفاظ مترادفة معناها واحد وهو ما رجح الشرع فعله على تركه قوله : فلذا خيره القدوري أي لإختلاف الآثار خيره القدوري وكذا خيره محمد بن الحسن بين أن يصلي ركعتين أو أربعا كما في الفتح قوله : من صلى قبل الظهر الخ قال في رفع العوائق عن الفوائد القرشية : والمراد في مثله يعني مثل ما ذكر من الوعد بالثواب في مقابلة الأعمال المواظبة لا الإتيان بها مرة وظاهره أن الترك في بعض الأحيان لعذر غير مانع اهـ قوله : رفعت له في عليين هو أعلى مكان في الجنة والمراد ادخر له ثواب عظيم من أجلها وإلا فغيرها من الأعمال مدخر ثوابه في الجنان وقد يقال : إن المدخر في عليين أكثر مما ادخر في غيرها من باقي الجنان قوله : وهو خير له من قيام نصف ليلة قد يقال : إنه نزل منزلة من أدرك ليلة القدر وهي خير من ألف شهر ولا شك أن قيام نصف ليلة أقل من ذلك ويمكن أن يجاب بأنه يكتب له قيام نصف ليلة زيادة على ثواب مدرك ليلة القدر أو أن المشبه لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه قوله : غفر له بها ذنوب خمسين سنة حمله أكثر العلماء على الصغائر وأطلق بعضهم فعممه للكبائر قوله : ولم يقيد فيه بكونها قبل التكلم فأما أن يحمل المطلق على المقيد لاتحاد الحادثة أو يقال : إن التقييد للكمال لا لتحصيل أصل الموعود به قوله : وفي التجنيس الخ الظاهر أن هذا تفريع على قولهما وما بعده تفريع على قول الإمام من اختلافهم فيما هو الأفضل من صلاة الليل وذكر في شرح المشكاة أن الأولى فصل المندوبة عن المؤكدة بالتسليم قوله : وفي الدرر بتسلمية وهو أدوم وأشق ولذا اختاره الكمال در قوله : وقيل بها لظاهر الأحاديث واختاره المحقق في الفتح واستظهره الحلبي قوله : فيقف على قوله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله واختلف في وجوب سجدتي السهو على من زاد على التشهد فيها كما في الدرر والغرر كذا في الشرح قوله : فلا تبطل شفعته فهو على شفعته إذا طلب الأخذ بالشفعة على فور خروجه من الصلاة ذكره السيد قوله : ولا يلزمه كمال المهر ما لم توجد الخلوة الصحيحة الخالية عن الموانع بعد سلامه من تلك الصلاة قاله السيد قوله : فيستفتح ويلزمه كمال المهر بالقيام إلى الشفع الثاني وتسقط شفعته ولا تبقى على خيارها اهـ سيد قال : وبترك القعود على رأس الثانية لا يثني ولا يتعوذ في الثالثة اهـ قوله : وفي الاستحسان الخ تطويل من غير فائدة فالأولى الإقتصار على ما في المصنف قوله : لأنها صارت من ذوات الأربع الخ هذا الكلام صريح في أنها تحسب بتمامها له خلافا لمن قال : إنها تحسب شفعا واحدا ولا ينافي ما ذكره ابن أمير حاج في بحث التراويح : لو صلى الكل بسلام واحد ولم يعقد إلا في آخرها اختلف فيه المشايخ والصحيح أنه يجزيه عن تسليمة واحدة كما لو صلى أربعا بتسليمة واحدة ولم يعقد على رأس الركعتين على ما هو الصحيح اهـ لأنه في التراويح خاصة لكونها شرعت على هيئة مخصوصة فلا تؤدى بغيرها فالمعنى أنها تنوب عن ركعتين من التروايح وإن كانت تحسب له عشرين نافلة فتدبر قوله : وصحح الفساد في الخلاصة لأن القعدة المشروعة قد تركها والني فعلها لم تكن في محلها ثم يجب عليه قضاء ركعتين لأنه شرع في الشفع الأول ثم أفسده بترك القعود ولا يلزمه بالثالثة شيء مطلقا عمدا كان أو سهوا لأن البناء على الفاسد لا يلزمه شيئا أو تمامه في الشرح قوله : وكره الزيادة على أربع بتسلمية في نفل النهار باتفاق الروايات لأنه لم يرو أنه A زاد على ذلك ولولا الكراهية لزاد تعليما للجواز كذا قالوا وهذا يفيد أنها تحريمة اهـ سيد عن النهر قوله : وعلى ثمان ليلا تعرب ثمان إعراب قاض وقد تظهر عليها الحركات قوله : لما في صحيح البخاري الخ هذا لا ينتج المدعي لأنه لا يفيد أنه جمع بين العشر بتسليمة واحدة قوله : اتباعا للحديث الخ أجاب المحقق ابن الهمام عن هذا الحديث بأن لفظه يحتمل أن يكون المعنى فيه مثنى في حق الفضيلة بالنسبة إلى الأربع أو في حق الإباحة بالنسبة إلى الفرد وترجيح أحدهما لا يكون إلا بمرجح وقد ورد فعله النبي A على كلام النحوين لكن عقلنا زيادة فضيلة الأربع بأنها أكثر مشقة على النفس بسبب طول تقييدها في مقام الخدمة ورأيناه النبي A قال : [ إنما أجرك على قدر نصبك ] وقال النبي A : أفضل الأعمال أجهدها ولهذا لو نذر أن يصلي أربعا بتسليمة لا يخرج عنه بتسليمتين وعلى القلب يخرج فحكمنا بأن المراد الثاني وهو الإباحة أن يباح مثنى لا واحدة أو ثلاثا ووافق الكمال على ذلك تلميذه العلامة قاسم وغيره قوله : لأنه أشق على النفس وأبعد عن الرياء ولكونه وقت التجلي وعرض الإحسان وقال النبي A : [ من أطال قيام الليل خفف الله عنه يوم القيامة ] قوله : وقال تعالى أي في مدح من قام الليل تتجافى أي تتباعد جنوبهم جمع جنب عن المضاجع أي محل اضطجاعهم واستراحتهم والمناسب للمؤلف أن يقول : الآية ليفيد أن الكلام متوقف على آخر الآية وهو قوله : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين قوله : ولأن القراءة تكثر بطول القيام واجتماع ركن السجود مع سنة التسبيح قوله : ونقل في المجتبى عن محمد خلافه ونقل الطحاوي في شرح الآثار عن محمد موافقتهما وصححه في البدائع وهو ظاهر عبارة لبرهان وتوقف الإمام أحمد لتعارض الأدلة وسوى بينهما مالك لتساوي الدليلين ووجه ما في المجتبى قوله النبي A للسائل : عليه بكثرة السجود وللآخر : [ أعني على نفسك بكثرة السجود ] وقوله النبي A : [ أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ] لأن السجود غاية التواضع والعبودية والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم