فصل في صلاة التراويح .
قوله : الترويحة الجلسة فهي المرة الواحدة من الراحة قوله : ثم سميت بها الأربع ركعات الخ مجازا للإستراحة بعدها غالبا فهو من إطلاق اسم المجاور على ما جاوره وقوله : التي آخرها الأولى أن يقول التي بعدها ويمكن أن تكون نفسها راحة ومنه قوله النبي A : أرحنا بالصلاة يا بلال أي أقمها فيكون فعلها راحة لأن إنتظارها مشقة على النفس أو لأنها يتوصل بها إلى راحة الجنة وهذه العبارة التي للمصنف نقلها في الشرح عن المستصفى والذي فيه عن الفتح أن التراويح يرويحة للنصف أي استراحة وهي في الأصل مصدر بمعنى الإستراحة سميت بها كل أربع لاستلزامها شرعا استراحة بعدها بقدرها اهـ فالعلاقة اللزوم قوله : التراويح سنة بإجماع الصحابة ومن بعد هم من الأمة منكرها مبتدع ضال مردود الشهادة كما في المضمرات وفي الصحيحين [ عن عائشة Bها أن رسول الله A صلى ذات ليلة في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة والرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله A فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ] وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها ما كان رسول الله A يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة اهـ منا الوتر كما في صحيحي ابن خزيمة وابن حبان وأما ما رواه ابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي عن ابن عباس Bهما أنه النبي A كان يصلي في رمضان عشرين سوى الوتر فضعيف وإنما ثبت العشرون بمواظبة الخلفاء الراشدين ما عدا الصديق رضي الله تعالى عنهم : ففي البخاري : فتوفي رسول الله A والأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدر من خلافه عمر حين جمعهم عمر على أبي بن كعب فقام بهم في رمضان فكان ذلك أول اجتماع الناس على قارئ واحد في رمضان كما في فتح الباري وبالجملة فهي سنة رسول الله A سنها لنا وندبنا إليها وكيف لا وقد قال النبي A : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليه بالنواجذ وروى أبو نعيم من [ حديث عروبة الكندي أن رسول الله A قال : ستحدث بعدي أشياء فأحبها إلي أن تلزموا ما أحدث عمر ] وفي البحر عن الخلاصة اختلف المشايخ في كونها سنة يعني أو مستحبة قال : وانقطع الخلاف برواية الحسن عن الإمام أنها سنة اهـ وقد ذكر الأصوليون أن السنة ما فعله النبي A أو واحد من الصحابة قوله : ولم يتخرصه عمر من تلقاء نفسه قال في القاموس : تخرصه افترى عليه اهـ وقال قبله : الخرص القول بالظن وذكر له معاني كثيرة قوله : في حديث بالتنكير وقوله افترض الخ في محل نصب مقول القول قوله : وفيه رد لقول بعض الروافض هي سنة الرجال دون النساء أقول هكذا قاله حافظ الدين في الكافي لكن المشهور عنهم أنها ليست بسنة أصلا قال في البرهان : قد اجتمعت الأمة على مشروعية التراويح وجوازها ولم ينكرها أحد من أهل القبلة إلا الروافض ذكره العلامة نوح قوله : وقول بعضهم سنة عمر الخ في الفتاوي الهندية عن الجواهر هي سنة رسول الله A وقيل : هي سنة عمر Bه والأول أصح وفي حاشية السيد على العلامة مسكين وما قيل يكفر من يقول إنها سنة عمر Bه كما تقوله الروافض فممنوع فقد صرح في كثير من من المتداولات بأنها سنة عمر يعني بالنظر لكونها عشرين ركعة وللمواظبة عليها وذلك لا يمنع كونها سنة رسول الله النبي A أيضا لما ذكرنا اهـ قوله : وصلاتها بالجماعة سنة كفاية فلا لو على من لم يحضر الجماعة إلا أن يتركوها جميعا أو يكون فقيها يقتدى به وقال المرغيناني إنها سنة عين وكره أن يؤم في التراويح مرتين في ليلة واحدة وعليه الفتوى لأن السنة لا تتكرر في الوقت الواحد فتقع الثانية نفلا مضمرات بخلاف ما لو صلاها مأموما مرتين حيث لا يكره كما لو أم فيها ثم اقتدى بآخر في تلك الصلاة وكما لو صلى العشاء إماما أو مقتديا ثم أقيمت ثانيا فإنه لا يكره له أن يدخل فيها ثانيا بل يستحل له ذلك كما حققة العمدة ابن أمير حاج ولينظر الجمع بين هذا بين ما ورد من حديث لا يصلي بعد صلاة مثلها والظاهر أن الظهر العشاء بخلاف بقية الفرائض فيكره إعادتها وهذا غير مشهور كراهة الإعادة إلا لمن صلى منفردا ثم أقيمت صلاة العشاء أو الظهر ويستفاد من طلب الجماعة في التراويح أن فضيلتها بالجماعة أكثر من فضيلة الإنفراد وهل هي كالجماعة في الفرض فتضاعف على صلاة الفذ بسبع وعشرين أو خمس وعشرين أو المتحقق فيها زيادة ثواب من غير قيد بالعدد ومثل ذلك يقال في صلاة التطوع : جماعة إذا كان على غير وجه التداعي يحرر قوله : وهو خشيته النبي A افتراضها علينا إن قيل كيف خشي النبي A أن تفترض علينا مع علمه بأنه لا يزاد على الصلوات الخمس لقوله تعالى في حديث الإسراء لما فرض الصلاة : لا يبدل القول لدي أجيب بأن الممنوع زيادة الأوقات ونقصانها لا زيادة عدد الركعات ونقصانها ألا ترى أن الصلاة فرضت ركعتين فأقرت في السفر وزيدت في الحضر كما في حاشية الشلبي على الزيلعي أو أن الفريضية قد تكون معلقة على المداومة أو خشيت بمداومة عليها أن تعتقد وفرضيتها اهـ قوله : وباقي أهل المحلة أقامها منفردا أفاد بهذا التعبير أنها سنة كفاية لكل محلة فيها مسجد فإقامتها بمسجد واحد في البلد لا تسقط الجماعة عن جميعهم حيث تعددت مساجد المحلة ويحرر ومقتضى إطلاقهم أنها سنة كفاية أن المراد أنها سنة كفاية البلد لا في المحلة قوله : فالصحيح أنه نال إحدى الفضيلتين هما صلاتها في البيت جماعة وصلاتها في المسجد جماعة قوله : فإن الأداء الخ علة لمحذوف كان الواجب ذكره وهو الأفضل فيها المسجد فإن الأداء الخ قال البرهان الحلبي كل ما شرع بجماعة فالمسجد فيه أفضل لزيادة فضيلة المسجد وتكثير الجماعة وإظهار شعار الإسلام اهـ وفي النهر أنها في المسجد أفضل على ما عليه الاعتماد قوله : ووقتها ما بعد صلاة العشاء أي الوقت الذي هو بعد صلاة العشاء قوله : يصح تقديم الوتر على التراويح الخ وقيل وقتها بعد العشاء قيل الوتر وبه قال عامة مشايخ بخارى وأثر الخلاف يظهر فيما لو فاتته ترويحة لو اشتغل بها يفوته الوتر بالجماعة يشتغل بالترويحة على قول مشايخ بخارى وبالوتر على قول غيرهم قوله : وقال جماعة من أصحابنا الخ قال في البحر ولم أر من صححه وإذا فاتت قيل : تقضي ما لم يأت وقتها من الليلة المستقبلة وقيل : ما لم يمض الشهر والصحيح أنها لا تقضى مطلقا فإن قضاها كانت نفلا لا تراويح كما في الدر والسراج قوله : وقال بعضهم : لا يكره الخ أي تحريما وإلا فمخالفة الأولى ثابتة بدليل قوله ولكن الأحب أن لا يؤخر التراويح قوله : آخره يصح قراءته بالرفع ويكون على تقدير مضاف أي صلاة آخره ويصح قراءته بالنصب على الظرفية أي الكائن آخره قوله : في حد ذاتها أي لا بالنظر للتراويح قوله : وهي عشرون ركعة الحكمة في تقديرها بهذا العدد مساواة المكمل وهي السنن للمكمل وهي الفرائض الاعتقادية والعملية قوله : فالأصح أنه إن تعمد ذلك كره مقابله ما في منية المصلي من عدم الكراهة لأنه أكمل لزيادة المشقة ورد بأن الكمال لا يحصل بمجرد المشقة ما لم يكن فيه اتباع السنة اهـ قوله : وإذا لم يجلس إلا في آخر أربع الخ أي آخر كل أربع فإذا جلس على آخر كل ركعتين تنوب عن تسليمتين على ما عليه العامة ذكره السيد وإذا لم يعقد إلا في آخر العشرين فعلى الصحيح تجوز عن تسليمة أي ركعتين بخلاف ما إذا قعد على رأس ركعتين كما في الخلاصة .
قوله : نابت عن تسليمة فيه أنهم قالوا : إن القعود الأول في رباعية النفل واجب يجبر بالسجود ومقتضاه أن تنوب عن تسليمتين ويجب عليه السجود إن كان ساهيا وقد يجاب بأن المذكور هنا في خصوص التراويح لكونها شرعت على هيئة مخصوصة بالسلام على رأس الركعتين فلا ينافي أنها في غيرها تجعل أربعا وفيه أن هذا يرد على ما إذا جمع الكل بتسليمة واحدة مع أنها إنما تنوب عن تسليمة واحدة على المفتي به كما في الدر قوله : والصلاة فرادى أي بعد كل أربع أما بعد كل شفع فهي مكروهة قال البرهان الحلبي : يكره صلاة ركعتين منفردا بعد كل ركعتين لأنها بدعة مع مخالفة الإمام اه وفي الكافي وتكره الإستراحة على خمس تسليمات عند الجمهور .
قوله : مرة في الشهر ومرتين فضيلة وثلاثا في كل عشر مرة أفضل كافي وإذا كان إمام مسجد حية لا يختم فله أن يتركه إلى غيره كما في الفتح وكذا لو كان الإمام لحانا وفي الفتح و التبيين ثم إذا ختم مرة قبل آخره قيل : لا يكره وترك التراويح فيما بقي لأنها شرعت لأجل ختم القرآن وقد حصل مرة وقيل : يصليها أو يقرأ فيها ما شاء اهـ وإذا قرأ بالختم فغلط فترك سورة أو آية وقرأ ما بعدها فالمحتسب له أن يقرأ المتروك ثم المقروء ليكون على الترتيب قوله : يقرأ في كل ركعة عشر آيات أو نحوها لأن عدد ركعات التراويح ستمائة ركعة أو إلا عشرين إن كان الشهر ناقصا فينبغي الزيادة على العشرة ولو كان كاملا لأن الآيات تزيد على قدرها كاملة بستمائة وستين آية ليتأتى له الختم فيه وجميع آيات القرآن ستة آلاف وستمائة وستة وستون آية ألف وعد وألف وعيد وألف أمر وألف نهي وألف قصص وألف خبر وخمسمائة حلال وحرام ومائة دعاء وتسبيح وست وستون ناسخ ومنسوخ كذا في الشعبي عن الكشاف .
قوله : ما لا يؤدي إلى تنفير الجماعة من طول قراءة وتسبيح وأدعية تشهد وقوله في زماننا لا مفهوم له لأن النبي A نهى أبيا عن تطويل القراءة قوله : لأن تكثير القوم أفضل من تطويل القراءة أي أكثر ثوابا لأنه يزاد بكل فرد صلاة ويتعلم جاهلهم من عالمهم وتعود بركة الكامل منهم على التناقص قوله : ويكره الإقتصار على ما دون ثلاث آيات وآية طويلة بعد الفاتحة أو آيتان متوسطتان كما في الشرح قوله : لترك الواجب أفاد به أنه مكروه تحريما وما في فضائل رمضان للزاهدي من أن أبا الفضل الكرماني والوبري أفتيا أنه إذا قرأ في التراويح الفاتحة وآية أو آيتين لا يكره ومن لم يكن عالما بأهل زمانه فهو جاهل انتهى محمول على الآية الطويلة والآيتين المتوسطتين أو هو ضعيف لأن فيه إفراطا يؤدي إلى التفريط بترك الواجب قوله : ولا بترك الصلاة على النبي A ويكتفي باللهم صل على محمد لأنه الفرض عند الشافعي در قوله : وفرض على قول بعض المجتهدين منهم مولانا الإمام الشافعي Bه قوله : ويحذر من الهدرمة الموجود في النسخ التي بأيدينا بالدال المهملة والذي في الدر بالذال المعجمة وفسرها في القاموس بسرعة الكلام والقراءة قوله : وترك الترتيل في القاموس رتل الكلام ترتيلا أحسن تأليفه اهـ والمراد أن لا يعطي التلاوة وحقها قوله : وغيرها كترك التعوذ والتسمية وترك الإستراحة فيما بين كل ترويحتين والكراهة في الثلاثة المذكورة في كلامه تحريمية وفي غيرها تنزيهية لأنها في مقابلة ترك السنن قوله : وكذا لا يترك الثناء سواء كان إماما أو مقتديا أو منفردا وعلله في الفتح بأن السنن لا تترك للجماعات قوله : لافتراضه عند البعض هو أبو مطيع البلخي تلميذ الإمام الأعظم Bه وقيل بوجوبه قوله : ولا يأتي الإمام بالدعاء أي الدعاء الطويل لقوله فيدعو بما قصر قوله : ولا تقضي التراويح لأنها ليست آكد من سنة المغرب والعشاء وهما لا يقضيان فهي أولى بعدم القضاء قوله : على الأصح فقد تقدم مقابلة قوله : والمسافر والمريض لا يحسن عطفهما على الحائض لأنهما أهل لها قبل آخر اليوم وعبارته في الشرح أولى حيث قال : والأصح أنها سنة الوقت لقوله النبي A : [ وسننت لكم قيام ليلة حتى أن المريض المفطر والمسافر والحائض والنفساء إذا طهرتا والكافر إذا أسلم في آخر اليوم تسن لهم التراويح فكيف يعذر المقيم الصحيح الصائم في تركها ] اهـ وفي القنية لو تركوا الجماعة في الفرض ليس لهم أن يصلوا التراويح جماعة لأنها تبع له ولو لم يصلها بإمام له أن يصلي الوتر به كما أن له أن يصلي التراويح بإمام والوتر بآخر على الصحيح ويكره للمقتدي أن يعقد في التراويح فإذا أراد الإمام أن يركه يقوم وظاهر عبارة الشرح يفيد ثبوت الكراهة ولو كان داخلا في صلاة الإمام لأنه علله بقوله لما في هذا من مخالفة الإمام ولما فيه من القول بلزوم القيام في التراويح وتكره مع غلبة النوم فينصرف حتى يستيقط لأن في الصلاة مع النوم تهاونا وغفلة وترك التدبر ولا خصوصية لها بهذا بل كل الصلوات كذلك اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم وأستغفر الله العظيم