190 - { فلما آتاهما } ما طلباه من الولد الصالح وأجاب دعاءهما { جعلا له شركاء فيما آتاهما } قال كثير من المفسرين : إنه جاء إبليس إلى حواء وقال لها : إن ولدت ولدا فسميه باسمي فقالت : وما اسمك ؟ قال : الحرث ولو سمى لها نفسه لعرفته فسمته عبد الحرث فكان هذا شركا في التسمية ولم يكن شركا في العبادة وإنما قصدا أن الحرث كان سبب نجاة الولد كما يسمي الرجل نفسه عبد ضيفه كما قال حاتم الطائي : .
( وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ... وما في إلا تلك من شيمة العبد ) .
وقال جماعة من المفسرين : إن الجاعل شركا فيما آتاهما هم جنس بني آدم كما وقع من المشركين منهم ولم يكن ذلك من آدم وحواء ويدل على هذا جمع الضمير في قوله : { فتعالى الله عما يشركون } وذهب جماعة من الفسرين إلى أن معنى { من نفس واحدة } من هيئة واحدة وشكل واحد { وجعل منها زوجها } أي من جنسها { فلما تغشاها } يعني جنس الذكر جنس الأنثى وعلى هذا لا يكون لآدم وحواء ذكر في الآية وتكون ضمائر التثنية راجعة إلى الجنسين وقد قدمنا الإشارة إلى نحو هذا وذكرنا أنه خلاف الأولى لأمور منها { وجعل منها زوجها } بأن هذا إنما هو لحواء ومنها { دعوا الله ربهما } فإن كل مولود يولد بين الجنسين لا يكون منهما عند مقاربة وضعه هذا الدعاء وقد قرأ أهل المدينة وعاصم شركا على التوحيد وقرأ أبو عمرو وسائر أهل الكوفة بالجمع وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى وأجيب عنه بأنها صحيحة على حذف المضاف : أي جعلا له ذا شرك أو ذوي شرك