الصالحين ومن ذلك لبس المرقعة والصلاة على السجادة ولبس الثياب الزرق تشبها بالصوفية مع الإفلاس من حقائق التصوف في الباطن .
ومنه التقنع بالإزار فوق العمامة وإسبال الرداء على العينين ليرى به أنه قد انتهى تقشفه إلى الحذر من غبار الطريق ولتنصرف إليه الأعين بسبب تميزه بتلك العلامة .
ومنه الدراعة والطيلسان يلبسه من هو خال عن العلم ليوهم أنه من أهل العلم .
والمراءون بالزي على طبقات فمنهم من يطلب المنزلة عند أهل الصلاح بإظهار الزهد فيلبس الثياب المخرقة الوسخة القصيرة الغليظة ليرائي بغلظها ووسخها وقصرها وتخرقها أنه غير مكترث بالدنيا ولو كلف أن يلبس ثوبا وسطا نظيفا مما كان السلف يلبسه لكان عنده بمنزلة الذبح وذلك لخوفه أن يقول الناس قد بدا له من الزهد ورجع عن تلك الطريقة ورغب في الدنيا .
وطبقة أخرى يطلبون القبول عند أهل الصلاح وعند أهل الدنيا من الملوك والوزراء والتجار ولو لبسوا الثياب الفاخرة ردهم القراء ولو لبسوا الثياب المخرقة البذلة أزدرتهم أعين الملوك والأغنياء فهم يريدون الجمع بين قبول أهل الدين والدنيا فلذلك يطلبون الأصواف الدقيقة والأكسية الرقيقة والمرقعات المصبوغة والفوط الرفيعة فيلبسونها ولعل قيمة ثوب أحد الأغنياء ولونه وهيأته لون ثياب الصلحاء فيلتمسون القبول عند الفريقين وهؤلاء إن كلفوا لبس ثوب خشن أو وسخ لكان عندهم كالذبح خوفا من السقوط من أعين الملوك والأغنياء ولو كلفوا لبس الديبقى والكتان الدقيق الأبيض والمقصب المعلم وإن كانت قيمته دون قيمة ثيابهم لعظم ذلك عليهم خوفا من أن يقول أهل الصلاح قد رغبوا في زي أهل الدنيا .
وكل طبقة منهم رأى منزلته في زي مخصوص فيثقل عليه الانتقال إلى ما دونه أو إلى ما فوقه وإن كان مباحا خيفة من المذمة .
وأما أهل الدنيا فمراءاتهم بالثياب النفيسة والمراكب الرفيعة وأنواع التوسع والتجمل في الملبس والمسكن وأثاث البيت وفره الخيول وبالثياب المصبغة والطيالسة النفيسة وذلك ظاهر بين الناس فإنهم يلبسون في بيوتهم الثياب الخشنة ويشتد عليهم لو برزوا للناس على تلك الهيئة ما لم يبالغوا في الزينة .
الثالث الرياء بالقول ورياء أهل الدين بالوعظ والتذكير والنطق بالحكمة وحفظ الأخبار والآثار لأجل الاستعمال في المحاورة وإظهارا لغزارة العلم ودلالة على شدة العناية بأحوال السلف الصالحين وتحريك الشفتين بالذكر في محضر الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمشهد الخلق وإظهار الغضب للمنكرات وإظهار الأسف على مقارفة الناس للمعاصي وتضعيف الصوت في الكلام وترقيق الصوت بقراءة القرآن ليدل بذلك على الخوف والحزن وادعاء حفظ الحديث ولقاء الشيوخ والدق على من يروي الحديث ببيان خلل في لفظه ليعرف أنه بصير بالأحاديث والمبادرة إلى أن الحديث صحيح أو غير صحيح لإظهار الفضل فيه والمجادلة على قصد إفحام الخصم ليظهر للناس قوته علم الدين .
والرياء بالقول كثير وأنواعه لا تنحصر .
وأما أهل الدنيا فمراءاتهم بالقول بحفظ الأشعار والأمثال والتفاصح في العبارات وحفظ النحو الغريب للأغراب على أهل الفضل وإظهار التودد إلى الناس لاستمالة القلوب .
الرابع الرياء بالعمل كمراءاة المصلي بطول القيام ومد الظهر وطول السجود والركوع وإطراق الرأس وترك الالتفات وإظهار الهدوء والسكون وتسوية القدمين واليدين وكذلك بالصوم والغزو والحج وبالصدقة وبإطعام الطعام وبالإخبات في المشي عند اللقاء كإرخاء الجفون وتنكيس الرأس والوقار في الكلام حتى إن المرائي قد يسرع في المشي إلى حاجته فإذا اطلع عليه أحد من أهل الدين رجع إلى الوقار وإطراق الرأس خوفا من