بخلاف ما لو تغير عقده إلى الرياء قبل الفراغ من الصلاة فإن ذلك قد يبطل الصلاة ويحبط العمل .
وأما إذا ورد وارد الرياء قبل الفراغ من الصلاة مثلا وكان قد عقد على الإخلاص ولكن ورد في أثنائها وارد الرياء فلا يخلو إما أن يكون مجرد سرور لا يؤثر في العمل وإما أن يكون رياء باعثا على العمل فإن كان باعثا على العمل وختم العبادة به حبط أجره .
ومثاله أن يكون في تطوع فتجددت له نظارة أو حضر ملك من الملوك وهو يشتهي أن ينظر إليه أو يذكر شيئا نسيه من ماله وهو يريد أن يطلبه ولولا الناس لقطع الصلاة فاستتمها خوفا من مذمة الناس فقد حبط أجره وعليه الإعادة إن كان في فريضة وقد قال A العمل كالوعاء إذا طاب آخره طاب أوله // حديث العمل كالوعاء إذا طاب آخره طالب أوله أخرجه ابن ماجه من حديث معاوية بن أبي سفيان بلفظ إذا طاب أسفله طاب أعلاه وقد تقدم .
أي النظر إلى خاتمته .
وروي أنه من راءى بعمل ساعة حبط عمله الذي كان قبله // حديث من راءى بعمله ساعة حبط عمله الذي كان قبله لم أجده بهذا اللفظ وللشيخين من حديث جندب من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به ورواه مسلم من حديث ابن عباس .
وهذا منزل على الصلاة في هذه الصورة لا على الصدقة ولا على القراءة فإن كل جزء من ذلك مفرد فما يطرأ يفسد الباقي دون الماضي والصوم والحج من قبيل الصلاة .
وأما إذا كان وراد الرياء بحيث لا يمنعه من قصد الإتمام لأجل الثواب كما لو حضر جماعة في أثناء الصلاة ففرح بحضورهم وعقد الرياء وقصد تحسين الصلاة لأجل نظرهم وكان لولا حضورهم لكان يتمها أيضا فهذا رياء قد أثر في العمل وانتهض باعثا على الحركات فإن غلب حتى انمحق معه الإحساس بقصد العبادة والثواب وصار قصد العبادة مغمورا فهذا أيضا ينبغي أن يفسد العبادة مهما مضى ركن من أركانها على هذا الوجه لأنا نكتفي بالنية السابقة عند الإحرام بشرط أن لا يطرأ عليها ما يغلبها ويغمرها ويحتمل أن يقال لا يفسد العبادة نظرا إلى حالة العقد وإلى بقاء قصد أصل الثواب وإن ضعف بهجوم قصد هو أغلب منه .
ولقد ذهب الحارث المحاسبي C تعالى إلى الإحباط في أمر هو أهون من هذا وقال إذا لم يرد إلا مجرد السرور باطلاع الناس يعني سرورا هو كحب المنزلة والجاه قال قد اختلف الناس في هذا فصارت فرقة إلى أنه محبط لأنه نقض العزم الأول وركن إلى حمد المخلوقين ولم يختم عمله بالإخلاص وإنما يتم العمل بخاتمته ثم قال ولا أقطع عليه بالحبط وإن لم يتزيد في العمل ولا آمن عليه وقد كنت أقف فيه لاختلاف الناس والأغلب على قلبي أنه يحبط إذا ختم عمله بالرياء ثم قال فإن قيل قد قال الحسن C تعالى إنهما حالتان فإذا كانت الأولى لم تضره الثانية .
وقد روي أن رجلا قال لرسول الله A يا رسول الله أسر العمل لا أحب أن يطلع عليه فيطلع عليه فيسرني قال لك أجران أجر السر وأجر العلانية // حديث أن رجلا قال أسر العمل لا أحب أن يطلع عليه فيطلع عليه فيسرني فقال لك أجران الحديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من رواية ذكوان عن ابن مسعود ورواه الترمذي وابن حبان من رواية ذكوان عن أبي هريرة الرجل يعمل العمل فيسره فإذا اطلع عليه أعجبه قال له أجر السر والعلانية قال الترمذي غريب وقال إنه روي عن أبي صالح وهو ذكر أنه مرسل .
ثم تكلم على الخبر والأثر فقال أما الحسن فإنه أراد بقوله لا يضره أي لا يدع العمل ولا تضره الخطرة وهو يريد الله ولم يقل إذا عقد الرياء بعد عقد الإخلاص لم يضره وأما الحديث فتكلم عليه بكلام طويل يرجع حاصله إلى ثلاثة أوجه .
أحدها أنه يحتمل أنه أراد ظهور عمله بعد الفراغ وليس في الحديث أنه قبل الفراغ .
الثاني أنه أراد أن يسر به للاقتداء به أو لسرور آخر محمود مما ذكرناه قبل لا سرورا بسبب حب المحمدة والمنزلة بدليل أنه جعل له به أجرا ولا ذاهب من الأمة إلى أن للسرور بالمحمدة أجرا وغايته أن يعفى عنه فكيف يكون للمخلص أجر وللمرائي أجران .
والثالث أنه قال أكثر من يروي الحديث يرويه غير متصل إلى أبي هريرة بل أكثرهم يوقفه على أبي صالح ومنهم من يرفعه فالحكم