حم السحاب خجلاً من جوده ... فرعده الرعدة والغيث العرق .
قلت : قوله : ذو هيف البيت أخذ معناه من المتنبي حيث قال : .
وخصر تثبت الأبصار فيه ... كأن عليه من حدق نطاقا .
وقوله أيضاً : حم السحاب خجلاً البيت أخذه من أبي الطيب المتنبي أيضاً قال : .
لم تحك نايلك السحاب وإنما ... جمت به فصبيبها الرخصاء .
لكن صفى الدين أبرزه في قالب أحسن وأوضح وزاد فيه رعدة الرعد والجناس فضلة ومن شعر صفى الدين أيضاً : .
عنا بعد لك فالزمان مواتي ... والخد نقلي والعيون سقاني .
والروض قد حمل النسيم تحية ... عن زهره مسكية النفحات .
ركعت أباريق المدام وصاح ح ... تى على الصبوح مؤذن الصلوات .
وتجاوبت أوتارنا بلغاتها ... فالتفت النغمات بالنغمات .
فاستجل بكرا توجب بحبابها ... لما عقدت لها على ابن فرات .
وكتب إليه ابن الكعكي صاحب ديوان الجيش يطلب منه ورقا : .
يا من نداه قد فهق ... وجوده مثل الوهق .
امنن على بالورق ... كما مننت بالورق .
فأنت بالفضل احق فأجاب ارتجالاً : .
يا من إلى الفضل سبق ... بشكرك الدهر نطق .
من درة خلقت والن ... اس جميعاً من علق .
أنت بما وصفته ... من ساير الناس أحق .
قد سير الخادم ما ... امكنه من الورق .
ولو أطاق كسر ال ... راء ولكن ما اتفق .
الأفضل صاحب حماة .
محمد بن اسمعيل السلطان الملك الأفضل ناصر الدين ابن السلطان العالم الملك المؤيد عماد الدين بن الأفضل على ابن الملك المظفر بن المنصور ابن صاحب حماة تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أيوب بن شادي حضر إلى دمشق في أوايل شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وأربعين وسبع ماية وقد رسم السلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك ابن السلطان الملك الناصر بحضوره إلى دمشق ليكون بها مقيما أمير ماية رأس الميسرة ويطلق له من دخل حماة ألف ألف درهم ومايتا ألف درهم في كل سنة فركب بها موكبين وحصل له قولنج اعقب بصرع فتوفى ليلة الثلثاء حادى عشر الشهر المذكور ومن الغريب أن زوجته كانت قد مرضت وأشرفت على الموت فجزع عليها وصنع لها تابوتاً ليضعها فيه إذا توفيت ويحملها إلى حماة فلما توفي هو وضعته والدته في ذلك التاوت وحملته إلى حماة من ليلته ثم أن الزوجة المذكورة توفيت عشية ذلك اليوم ثم أن أبنيه توجها إلى مصر صحبة جدتهم فأكرموا نزلها اكراماً لابنها الملك الأفضل أعطوا لابنه الكبير إمرة سبعين فارسا فمات في مصر قبل خروجهم منها فسبحان من يقرب الآدال ويقطع الآمال وكان والده الملك المؤيد قد سماه في حياته بالملك المنصور فلما توفي والده في سنة اثنتين وثلثين وسبع ماية ورسم له السلطان الملك الناصر بمكان أبيه سماه الملك الأفضل باسم جده وكان إنساناً حسنا يعطى العطاء الوافي الوافر وهو مذموم غير محمود وكان أبوه أسعد منه وما زال مروعا مدة حياته تارة من جهة السلطان وتارة من جهة الأمير سيف الدين تنكز وتارة من جهة أقاربه وشكواهم عليه وتارة من جهة العربان وكان قد نسك في وقت وجلس على الصوف والتزم بأن لا يسمع الشعر ثم ترك ذلك وجلس على الحرير وسمع الشعر وولاني نظر المدرس التقوية بدمشق نيابة عنه وسمعت كلامه غير مرة فما كان يخلو من استشهاد بشعر مطبوع أو مثل مشهور وأما والده فكان فاضلاً صاحب مصنفات وسيأتي ذكر والده في حرف اسمعيل أن شاء الله وترك الملك الأفضل عليه من الدين فيما بلغني ممن له اطلاع على حاله جملة فوق الألفي ألف درهم وكان الأمير سيف الدين تنكز قد حنا عليه آخر وشذ منه ولما أمسك تعب بعده ولزمته مغارم وكثرت الشكاوى عليه وقل ناصره فتضعضعت أحواله واختلت أموره وكان الموت فجاءة آخر خموله نعوذ بالله منه وقال شاعره وشاعر أبيه من قبل جمال الدين محمد بن نباتة يرثيه : .
تغرب عن مغني حماة مليكها ... ماودى بها من بعد ذلك مماته .
وما مات حتى مات بعض نسايه ... بهم وكادت أن توت حماته .
وقال أيضاً قصيدة أولها :