كرِهوا التضعيف في دِوّان فأبدلوا ليختلِف الحرفان فلو أبدلوا الواو فيما بعد للزم أن يقولوا : دِيَّان فيعودوا إلى نحو مِما هَربوا منه من التضعيف وهم قد أبدلوا الحييان إلى الحيوان ليختلف الحرفان فإذا أصارتهم الصنعة إلى اختلافهما في ديوان لم يبق هناك مطلب . وأما حَيْوة فاجتمع إلى استكراههم التضعيف فيه وأن يقولوا : حَيَّة أنه علم والأعلام يحتمل لها كثير من كُلَف الأحكام .
ومن ذلك قولهم في الإضافة إلى آية وراية : آئيّ ورائيّ . وأصلهما : آييّ وراييّ إلا أن بعضهم كره ذلك فأبدل الياء همزة لتختلف الحروف ولا تجتمع ثلاث ياءات . هذا مع إحاطتنا علما بأنّ الهمزة أثقل من الياء . وعلى ذلك أيضا قال بعضهم فيهما : راوِيّ وآوِيّ ( فأبدلها ) واوا ومعلوم أيضا أن الواو أثقل من الياء .
وعلى نحو من هذا أجازوا في فعاليل من رميت : رَمَاوِيّ ورمائيّ فأبدلوا الياء من رماييّ تارة واوا وأخرى همزة - وكلتاهما أثقل من الياء - لتختلف الحروف .
وإذا كانوا قد هربوا من التضعيف إلى الحذف نحو ظلت ومست وأحَسْت وظَنْت ذاك أي ظننت كان الإبدال أحسن وأسوغ لأنه أقل فحشا من الحذف وأقرب